الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: شرح منتهى الإرادات ***
الْمَقَادِيرُ: جَمْعُ مِقْدَارٍ، وَهُوَ مَبْلَغُ الشَّيْءِ وَقَدْرُهُ (دِيَةُ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ مِائَة بَعِيرٍ أَوْ مِائَتَا بَقَرَةٍ أَوْ أَلْفَا شَاةٍ أَوْ أَلْفُ مِثْقَالٍ ذَهَبًا أَوْ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفِ دِرْهَمٍ) إسْلَامِيٍّ (فِضَّةٍ) قَالَ الْقَاضِي: لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ أَنَّ أُصُولَ الدِّيَةِ الْإِبِلُ وَالذَّهَبُ وَالْوَرِقُ- أَيْ الْفِضَّةُ- وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ. لِمَا رَوَى عَطَاءٌ عَنْ جَابِرٍ قَالَ {فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الدِّيَةِ عَلَى أَهْلِ الْإِبِلِ مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ، وَعَلَى أَهْلِ الْبَقَرِ مِائَتَيْ بَقَرَةٍ، وَعَلَى أَهْلِ الشَّاةِ أَلْفَيْ شَاةٍ} رَوَاهُ أَبُو دَاوُد. وَعَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ {أَنَّ رَجُلًا قُتِلَ فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دِيَتَهُ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ} وَفِي كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ " وَعَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفُ دِينَارٍ " (وَهَذِهِ الْخَمْسَةُ) الْمَذْكُورَةُ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْحُلَلِ لِأَنَّهَا لَا تَنْضَبِطُ (أُصُولُهَا) أَيْ الدِّيَةَ لِمَا سَبَقَ (فَإِذَا أَحْضَرَ مَنْ عَلَيْهِ دِيَةٌ أَحَدَهَا) أَيْ أَحَدِ هَذِهِ الْخَمْسَةِ (لَزِمَ) وَلِيَّ جِنَايَةٍ (قَبُولُهُ) سَوَاءٌ كَانَ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ النَّوْعِ أَوْ لَمْ يَكُنْ لِإِجْزَاءِ كُلٍّ مِنْهَا. فَالْخِيرَةُ إلَى مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ كَخِصَالِ الْكَفَّارَةِ. (وَيَجِبُ مِنْ إبِلٍ فِي عَمْدٍ وَشِبْهِهِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ حِقَّةً، وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ جَذَعَةً) رَوَاهُ سَعِيدٌ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَرَوَاهُ الزُّهْرِيُّ عَنْ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ مَرْفُوعًا، وَلِأَنَّ الدِّيَةَ حَقٌّ يَتَعَلَّقُ بِجِنْسِ الْحَيَوَانِ، فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْحَمْلُ كَالزَّكَاةِ وَالْأُضْحِيَّةَ (وَتُغَلَّظُ) دِيَةُ عَمْدٍ وَشِبْهِهِ (فِي طَرَفٍ كَ) مَا (وَتَجِبُ) الدِّيَةُ (فِي خَطَأٍ أَخْمَاسًا: عِشْرُونَ مِنْ كُلٍّ مِنْ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ) أَيْ: عِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ، وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ، وَعِشْرُونَ حِقَّةً، وَعِشْرُونَ جَذَعَةً (وَعِشْرُونَ ابْنَ مَخَاضٍ) قَالَ فِي الشَّرْحِ: لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ الْمَذْهَبُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ. (وَتُؤْخَذُ) دِيَةٌ (فِي بَقَرٍ مُسِنَّاتٍ وَأَتْبِعَةٍ) نِصْفَيْنِ (وَ) تُؤْخَذُ (فِي غَنَمٍ ثَنَايَا وَأَجْذِعَةٍ نِصْفَيْنِ) لِأَنَّهُ دِيَةُ الْإِبِلِ مِنْ الْأَسْنَانِ الْمُقَدَّرَةِ فِي الزَّكَاةِ فَكَذَا الْبَقَرُ وَالْغَنَمُ. (وَتُعْتَبَرُ السَّلَامَةُ مِنْ عَيْبٍ) فِي كُلِّ الْأَنْوَاعِ لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ يَقْتَضِي السَّلَامَةَ و(لَا) يُعْتَبَرُ (أَنْ تَبْلُغَ قِيمَتُهَا) أَيْ: الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ (دِيَةَ نَقْدٍ) لِعُمُومِ حَدِيثِ {فِي النَّفْسِ الْمُؤْمِنَةِ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ} وَهُوَ مُطْلَقٌ فَلَا يَجُوزُ تَقْيِيدُهُ إلَّا بِدَلِيلٍ وَلِأَنَّهَا كَانَتْ تُؤْخَذُ عَلَى عَهْدِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقِيمَتُهَا ثَمَانِيَةُ آلَافٍ. ذَكَرَهُ فِي شَرْحِهِ وَقَوْلُ عُمَرَ: إنَّ الْإِبِلَ قَدْ غَلَتْ " فَقَوَّمَهَا عَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ بِاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا: دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا فِي حَالِ رُخْصِهَا أَقَلُّ قِيمَةً مِنْ ذَلِكَ. (وَدِيَةُ أُنْثَى بِصِفَتِهِ) أَيْ: حُرَّةٍ مُسْلِمَةٍ (نِصْفُ دِيَتِهِ) حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إجْمَاعًا، وَفِي كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ: دِيَةُ الْمَرْأَةِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ الرَّجُلِ، وَهُوَ مُخَصِّصٌ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ. (وَيَسْتَوِيَانِ) أَيْ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى (فِي) قَطْعٍ أَوْ جُرْحٍ (مُوجِبٍ دُونَ ثُلُثِ دِيَةٍ) لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا {عَقْلُ الْمَرْأَةِ مِثْلُ عَقْلِ الرَّجُلِ حَتَّى يَبْلُغَ الثُّلُثَ مِنْ دِيَتِهَا} رَوَاهُ النَّسَائِيُّ. وَقَالَ رَبِيعَةُ " قُلْت لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ؟ كَمْ فِي أُصْبُعِ الْمَرْأَةِ: قَالَ عَشْرٌ قُلْت فَفِي أُصْبُعَيْنِ؟ قَالَ: عِشْرُونَ. قُلْت: فَفِي ثَلَاثِ أَصَابِعَ؟ قَالَ: ثَلَاثُونَ. قُلْت: فَفِي أَرْبَعٍ؟ قَالَ: عِشْرُونَ قَالَ: فَقُلْت: لَمَّا عَظُمَتْ مُصِيبَتُهَا قَلَّ عَقْلُهَا قَالَ هَكَذَا السُّنَّةُ يَا ابْنَ أَخِي " رَوَاهُ سَعِيدٌ فِي سُنَنِهِ وَلِأَنَّهُمَا يَسْتَوِيَانِ فِي الْجَنِينِ فَكَذَلِكَ بَاقِي مَا دُونَ الثُّلُثِ وَأَمَّا مَا يُوجِبُ الثُّلُثَ فَمَا فَوْقَ فَهِيَ فِيهِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ الذَّكَرِ لِقَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ " حَتَّى يَبْلُغَ الثُّلُثَ " وَحَتَّى لِلْغَايَةِ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَا بَعْدَهَا مُخَالِفًا لِمَا قَبْلَهَا وَلِأَنَّ الثُّلُثَ فِي حَدِّ الْكَثْرَةِ لِحَدِيثِ " وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ " وَلِذَلِكَ حَمَلَتْهُ الْعَاقِلَةُ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْمُسْلِمَةُ وَالْكِتَابِيَّةُ وَالْمَجُوسِيَّةُ وَغَيْرُهَا. (وَدِيَةُ خُنْثَى مُشْكِلٍ بِالصِّفَةِ) أَيْ: حُرٍّ مُسْلِمٍ (نِصْفُ دِيَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ: الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى أَيْ: ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ دِيَةِ الذَّكَرِ؛ لِاحْتِمَالِهِ الذُّكُورَةَ وَالْأُنُوثَةَ احْتِمَالًا وَاحِدًا، وَقَدْ أَيِسَ مِنْ انْكِشَافِ حَالِهِ فَوَجَبَ التَّوَسُّطُ بَيْنَهُمَا وَالْعَمَلُ بِكُلٍّ مِنْ الِاحْتِمَالَيْنِ (وَكَذَا جِرَاحُهُ) أَيْ: الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ إذَا بَلَغَ ثُلُثَ الدِّيَةِ فَأَكْثَرَ وَأَمَّا دُونَ الثُّلُثِ فَلَا تَخْتَلِفُ بِهِمَا كَمَا تَقَدَّمَ. (وَدِيَةُ كِتَابِيٍّ) أَيْ: يَهُودِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيٍّ وَمَنْ تَدَيَّنَ بِالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ (حُرٍّ ذِمِّيٍّ أَوْ مُعَاهَدٍ) أَيْ: مُهَادَنٍ (أَوْ مُسْتَأْمَنٍ نِصْفُ دِيَةِ حُرٍّ مُسْلِمٍ) لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا {دِيَةُ الْمُعَاهَدِ نِصْفُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ}. وَفِي لَفْظٍ {أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِأَنَّ عَقْلَ أَهْلِ الْكِتَابِ نِصْفُ عَقْلِ الْمُسْلِمِينَ} رَوَاهُ أَحْمَدُ قَالَ الْخَطَّابِيِّ: لَيْسَ فِي دِيَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ شَيْءٌ أَبْيَنُ مِنْ هَذَا وَلَا بَأْسَ بِإِسْنَادِهِ (وَكَذَا جِرَاحُهُ) أَيْ: الْكِتَابِيِّ غَيْرِ الْحَرْبِيِّ فَإِنَّهُ عَلَى نِصْفِ جِرَاحِ الْمُسْلِمِ. (وَدِيَةُ مَجُوسِيٍّ حُرٍّ ذِمِّيٍّ أَوْ مُعَاهَدٍ أَوْ مُسْتَأْمَنٍ وَ) دِيَةُ (حُرٍّ مِنْ عَابِدِ وَثَنٍ وَغَيْرِهِ) مِنْ الْمُشْرِكِينَ (مُسْتَأْمَنٍ أَوْ مُعَاهَدٍ بِدَارِنَا) أَوْ غَيْرِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْإِقْنَاعِ (ثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ) وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَابْنِ مَسْعُودٍ فِي الْمَجُوسِيِّ وَأُلْحِقَ بِهِ بَاقِي الْمُشْرِكِينَ؛ لِأَنَّهُمْ دُونَهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ} فَالْمُرَادُ فِي حَقْنِ دِمَائِهِمْ وَأَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْهُمْ، وَلِذَلِكَ لَا تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُمْ وَلَا ذَبَائِحُهُمْ (وَجِرَاحُهُ) وَأَطْرَافُهُ أَيْ: مَنْ ذُكِرَ مِنْ الْمَجُوسِيِّ، وَعَابِدِ وَثَنٍ، وَغَيْرِهِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ (بِالنِّسْبَةِ) إلَى دِيَتِهِ نَصًّا كَمَا أَنَّ جِرَاحَ الْمُسْلِمِ وَأَطْرَافَهُ بِالْحِسَابِ مِنْ دِيَتِهِ. (وَمَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ) أَيْ دَعْوَةُ الْإِسْلَامِ (إنْ كَانَ لَهُ أَمَانٌ فَدِيَتُهُ دِيَةُ أَهْلِ دِينِهِ. فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ دِينُهُ فَكَمَجُوسِيٍّ) لِأَنَّهُ الْيَقِينُ، وَالزِّيَادَةُ مَشْكُوكٌ فِيهَا (وَإِلَّا) يَكُنْ لَهُ أَمَانٌ (فَلَا شَيْءَ فِيهِ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْصُومٍ. (وَدِيَةُ أُنْثَاهُمْ) أَيْ: الْكُفَّارِ الْمُتَقَدِّمِينَ (كَنِصْفِ) دِيَةِ (ذَكَرِهِمْ) قَالَ فِي الشَّرْحِ: لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا. (وَتُغَلَّظُ دِيَةُ قَتْلٍ خَطَأٍ) وَقَعَ (فِي كُلٍّ مِنْ حَرَمِ مَكَّةَ، وَإِحْرَامٍ، وَشَهْرٍ حَرَامٍ) لَا لِرَحِمٍ مَحْرَمٍ (بِثُلُثِ) دِيَةٍ نَصًّا. وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ، لِمَا رَوَى ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ " أَنَّ امْرَأَةً وُطِئَتْ فِي الطَّوَافِ. فَقَضَى عُثْمَانُ فِيهَا بِسِتَّةِ آلَافٍ وَأَلْفَيْنِ تَغْلِيظًا لِلْحَرَمِ " وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ " فِي رَجُلٍ قُتِلَ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ، وَفِي الْبَلَدِ الْحَرَامِ، دِيَتُهُ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا، وَلِلشَّهْرِ الْحَرَامِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ، وَلِلْبَلَدِ الْحَرَامِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ " وَهَذَا فِي مَظِنَّةِ الشُّهْرَةِ، وَلَمْ يُنْكَرْ (فَمَعَ اجْتِمَاعِ) حَالَاتِ التَّغْلِيظِ (كُلِّهَا) يَجِبُ (دِيَتَانِ) قَالَ فِي الشَّرْحِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ: أَنَّ الدِّيَةَ لَا تُغَلَّظُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرُ الْآيَةِ وَالْأَخْبَارِ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا تَغْلِيظَ فِي الْقَتْلِ عَمْدًا، وَلَا فِي قَطْعِ طَرَفٍ. وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْخَطَأِ هُنَا مَا يَعُمُّ شِبْهَ الْعَمْدِ. (وَإِنْ قَتَلَ مُسْلِمٌ كَافِرًا) ذِمِّيًّا أَوْ مُعَاهَدًا (عَمْدًا) لَا خَطَأً وَنَحْوَهُ (أُضْعِفَتْ دِيَتُهُ) أَيْ: الْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ لِإِزَالَةِ الْقَوَدِ، قَضَى بِهِ عُثْمَانُ، رَوَاهُ عَنْهُ أَحْمَدُ وَظَاهِرُهُ "لَا أَضْعَافَ فِي جِرَاحَةٍ"، وَفِي الْوَجِيزِ: يُضَعَّفُ، وَلَمْ يُتَعَرَّضْ لَهُ فِي الْإِنْصَافِ.
وَدِيَةُ قِنٍّ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى أَوْ خُنْثَى، صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا وَلَوْ مُدَبَّرًا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ مُكَاتَبًا (قِيمَتُهُ). عَمْدًا كَانَ الْقَتْلُ أَوْ خَطَأً مِنْ حُرٍّ أَوْ غَيْرِهِ، وَسَوَاءٌ ضَمِنَ بِالْيَدِ أَوْ الْجِنَايَةِ (وَلَوْ) كَانَتْ قِيمَتُهُ (فَوْقَ دِيَةِ حُرٍّ) لِأَنَّهُ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ فَضُمِنَ بِكَمَالِ قِيمَتِهِ كَالْفَرَسِ، وَضَمَانُ الْحُرِّ لَيْسَ بِضَمَانِ مَالٍ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَخْتَلِفْ بِاخْتِلَافِ صِفَاتِهِ الَّتِي تَزِيدُ بِهَا قِيمَتُهُ وَلَوْ كَانَ قِنًّا، وَإِنَّمَا يُضْمَنُ بِمَا قَدَّرَهُ الشَّرْعُ وَضَمَانُ الْقِنِّ ضَمَانُ مَالٍ يَزِيدُ بِزِيَادَةِ الْمَالِيَّةِ وَيَنْقُصُ بِنُقْصَانِهَا. (وَفِي جِرَاحِهِ) أَيْ الْقِنِّ (إنْ قُدِّرَ مِنْ حُرٍّ بِقِسْطِهِ مِنْ قِيمَتِهِ) فَفِي لِسَانِهِ قِيمَتُهُ كَامِلَةً، وَفِي يَدِهِ نِصْفُهَا، وَفِي مُوضِحَتِهِ نِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهِ سَوَاءٌ (نَقَصَ بِجِنَايَةٍ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ) مِنْهُ (وَإِلَّا) يَكُنْ فِيهِ مِقْدَارٌ مِنْ الْحُرِّ. كَالْعُصْعُصِ وَخَرَزَةِ الصُّلْبِ (فَ) عَلَى جَانٍ (مَا نَقَصَهُ) بِجِنَايَتِهِ بَعْدَ بُرْئِهَا؛ لِأَنَّ الْأَرْشَ جَبْرٌ لِمَا فَاتَ بِالْجِنَايَةِ. وَقَدْ انْجَبَرَ بِذَلِكَ فَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ كَغَيْرِهِ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ (فَلَوْ جَنَى عَلَى رَأْسِهِ) أَيْ: الْقِنِّ دُونَ مُوضِحَةٍ (أَوْ) جَنَى عَلَى (وَجْهِهِ دُونَ مُوضِحَةٍ ضَمِنَ بِمَا نَقَصَ وَلَوْ أَنَّهُ) أَيْ: مَا نَقَصَ بِالْجِنَايَةِ (أَكْثَرَ مِنْ أَرْشِ مُوضِحَةٍ) كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ إذَا نَقَصَهَا. (وَفِي مُنَصَّفٍ) أَيْ: مَنْ نِصْفُهُ حُرٌّ وَنِصْفُهُ قِنٌّ إذَا قُتِلَ (نِصْفُ دِيَةِ حُرٍّ وَنِصْفُ قِيمَتِهِ، وَكَذَا جِرَاحُهُ) مِنْ طَرَفٍ وَغَيْرِهِ. فَإِنْ كَانَ ذَكَرًا وَالْقَتْلُ خَطَأٌ وَالْقَاتِلُ حُرٌّ فَعَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَتِهِ فِي مَالِهِ، وَعَلَى عَاقِلَتِهِ نِصْفُ دِيَتِهِ، لِأَنَّهَا نِصْفُ دِيَةِ حُرٍّ وَكَذَا لَوْ قَطَعَ أَنْفَهُ أَوْ يَدَيْهِ أَوْ رِجْلَيْهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَإِنْ قَطَعَ إحْدَى يَدَيْهِ فَالْجَمِيعُ فِي مَالِ جَانٍ؛ لِأَنَّ نِصْفَ الدِّيَةِ رُبْعُ دِيَةٍ فَلَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ لِنَقْصِهِ عَنْ ثُلُثِ الدِّيَةِ. (وَلَيْسَتْ أَمَةٌ كَحُرَّةٍ فِي رَدِّ أَرْشِ جِرَاحٍ بَلَغَ ثُلُثَ قِيمَتِهَا أَوْ أَكْثَرَ إلَى نِصْفِهِ) أَيْ: أَرْشِ جِرَاحِهَا لِأَنَّهُ فِي الْحُرَّةِ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ لِلْحَدِيثِ وَأَمَّا الْأَمَةُ فَضَمَانُهَا ضَمَانُ مَالٍ فَبَقِيَ عَلَى الْأَصْلِ. (وَمَنْ قَطَعَ خُصْيَتَيْ عَبْدٍ) أَوْ ذَكَرَهُ (أَوْ أَنْفَهُ أَوْ أُذُنَيْهِ) وَنَحْوَهُمَا مِمَّا فِيهِ مِنْ الْحُرِّ دِيَةٌ (لَزِمَتْهُ قِيمَتُهُ) كَامِلَةً لِسَيِّدِهِ لِأَنَّهَا بَدَلُ الدِّيَةِ (وَإِنْ قَطَعَ ذَكَرَهُ ثُمَّ خَصَاهُ فَ) عَلَيْهِ (قِيمَتُهُ) صَحِيحًا (لِقَطْعِ ذَكَرِهِ وَ) عَلَيْهِ (قِيمَتُهُ) أَيْضًا (مَقْطُوعَةً) أَيْ نَاقِصًا بِقَطْعِ ذَكَرِهِ لِقَطْعِ خُصْيَتَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْطَعْهُمَا إلَّا وَقَدْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ بِقَطْعِ الذَّكَرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَطَعَهُمَا مَعًا أَوْ أَذْهَبَ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ بِجِنَايَةٍ وَاحِدَةٍ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ مَرَّتَيْنِ؛ لِأَنَّ فِي كُلٍّ مِنْ ذَلِكَ مِنْ الْحُرِّ دِيَةٌ كَامِلَةٌ وَإِنْ خَصَاهُ ثُمَّ قَطَعَ ذَكَرَهُ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ كَامِلَةً لِقَطْعِ الْخُصْيَتَيْنِ وَمَا نَقَصَ بِقَطْعِ ذَكَرِهِ لِأَنَّهُ ذَكَرُ خَصِيٍّ لَا دِيَةَ فِيهِ وَلَا مُقَدَّرَ (وَمِلْكُ سَيِّدِهِ بَاقٍ عَلَيْهِ) رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَاسْتِصْحَابًا لِلْأَصْلِ وَلِأَنَّ مَا أَخَذَهُ بَدَلُ مَا ذَهَبَ مِنْهُ لَا بَدَلُ نَفْسِهِ.
وَدِيَةُ جَنِينٍ وَلَوْ ابْنَ حُرٍّ مُسْلِمٍ، وَالْجَنِينُ: الْوَلَدُ فِي الْبَطْنِ مِنْ الْإِجْنَانِ، وَهُوَ السَّتْرُ؛ لِأَنَّهُ أَجَنَّهُ بَطْنُ أُمِّهِ، أَيْ: سَتَرَهُ قَالَ تَعَالَى: {وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ} (أَوْ مَا تَصِيرُ بِهِ) أَمَةُ (قِنٍّ أُمَّ وَلَدٍ) وَهُوَ مَا تَبَيَّنَ فِيهِ خَلْقُ إنْسَانٍ وَلَوْ خَفِيًّا بَدَلُ الدِّيَةِ (وَإِنْ قَطَعَ ذَكَرَهُ ثُمَّ خَصَاهُ فَ) عَلَيْهِ (قِيمَتُهُ) صَحِيحًا (لِقَطْعِ ذَكَرِهِ وَ) عَلَيْهِ (قِيمَتُهُ) أَيْضًا (مَقْطُوعَةً) أَيْ: نَاقِصًا بِقَطْعِ ذَكَرِهِ لِقَطْعِ خُصْيَتَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْطَعْهُمَا إلَّا وَقَدْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ بِقَطْعِ الذَّكَرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَطَعَهُمَا مَعًا أَوْ أَذْهَبَ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ بِجِنَايَةٍ وَاحِدَةٍ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ مَرَّتَيْنِ؛ لِأَنَّ فِي كُلٍّ مِنْ ذَلِكَ مِنْ الْحُرِّ دِيَةٌ كَامِلَةٌ وَإِنْ خَصَاهُ ثُمَّ قَطَعَ ذَكَرَهُ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ كَامِلَةً لِقَطْعِ الْخُصْيَتَيْنِ وَمَا نَقَصَ بِقَطْعِ ذَكَرِهِ لِأَنَّهُ ذَكَرُ خَصِيٍّ لَا دِيَةَ فِيهِ وَلَا مُقَدَّرَ (وَمِلْكُ سَيِّدِهِ بَاقٍ عَلَيْهِ) رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَاسْتِصْحَابًا لِلْأَصْلِ وَلِأَنَّ مَا أَخَذَهُ بَدَلُ مَا ذَهَبَ مِنْهُ لَا بَدَلُ نَفْسِهِ. وَدِيَةُ جَنِينٍ وَلَوْ ابْنَ حُرٍّ مُسْلِمٍ. وَالْجَنِينُ: الْوَلَدُ فِي الْبَطْنِ مِنْ الْإِجْنَانِ، وَهُوَ السَّتْرُ؛ لِأَنَّهُ أَجَنَّهُ بَطْنُ أُمِّهِ، أَيْ: سَتَرَهُ قَالَ تَعَالَى: {وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ} (أَوْ مَا تَصِيرُ بِهِ) أَمَةُ (قِنٍّ أُمَّ وَلَدٍ) وَهُوَ مَا تَبَيَّنَ فِيهِ خَلْقُ إنْسَانٍ وَلَوْ خَفِيًّا لَا مُضْغَةً أَوْ عَلَقَةً (إنْ ظَهَرَ) الْجَنِينُ مَيِّتًا (أَوْ) ظَهَرَ (بَعْضُهُ) كَيَدٍ وَرَأْسٍ وَلَوْ أَسْقَطَتْ لَا رَأْسَيْنِ أَوْ أَرْبَعَةَ أَيْدٍ وَجَبَتْ غُرَّةٌ وَاحِدَةٌ (مَيِّتًا وَلَوْ) كَانَ ظُهُورُهُ (بَعْدَ مَوْتِ أُمِّهِ بِجِنَايَةٍ عَمْدًا أَوْ خَطَأً) وَكَذَا مَا فِي مَعْنَى الْجِنَايَةِ كَمَا مَرَّ فِيمَنْ أَسْقَطَتْ فَزَعًا مِنْ طَلَبِ سُلْطَانٍ أَوْ بِرِيحِ نَحْوِ طَعَامٍ (فَسَقَطَ) الْجَنِينُ فِي الْحَالِ (أَوْ بَقِيَتْ) أُمُّهُ (مُتَأَلِّمَةً حَتَّى سَقَطَ) الْجَنِينُ فَإِنْ لَمْ يَسْقُطْ، كَأَنْ قَتَلَ حَامِلًا وَلَمْ يُسْقِطْ جَنِينَهَا أَوْ ضَرَبَ مَنْ بِبَطْنِهَا حَرَكَةٌ أَوْ انْتِفَاخٌ فَزَالَ ذَلِكَ فَلَا شَيْءَ فِيهِ (وَلَوْ) كَانَ إسْقَاطُهَا (بِفِعْلِهَا) كَإِجْهَاضِهَا بِشُرْبِ دَوَاءٍ. (أَوْ كَانَتْ) أُمُّهُ (ذِمِّيَّةً حَامِلًا مِنْ ذِمِّيٍّ وَمَاتَ) الذِّمِّيُّ وَالْجَنِينُ بِدَارِنَا لِلْحُكْمِ بِإِسْلَامِهِ إذَنْ تَبَعًا لِلدَّارِ (وَيُرَدُّ قَوْلُهَا) أَيْ: الذِّمِّيَّةِ (حَمَلَتْ مِنْ مُسْلِمٍ) إنْ لَمْ تَكُنْ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ. (أَوْ) كَانَتْ أُمُّ (الْجَنِينِ أَمَةً وَهُوَ حُرٌّ) لِغُرُورٍ أَوْ شَرْطٍ أَوْ إعْتَاقِهِ وَحْدَهُ (فَتُقَدَّرُ) أَمَةً (حُرَّةً). وَقَوْلُهُ (غُرَّةٌ): خَبَرُ دِيَةِ جَنِينٍ وَتَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِهِ (عَبْدًا أَوْ أَمَةً) بَدَلٌ مِنْ غُرَّةٍ وَأَصْلُهَا الْخِيَارُ سُمِّيَ بِهَا الْعَبْدُ وَالْأَمَةُ لِأَنَّهُمَا مِنْ أَنْفَسِ الْأَمْوَالِ وَوَجْهُ وُجُوبِ الْغُرَّةِ فِي الْجَنِينِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: {اقْتَتَلَتْ امْرَأَتَانِ مِنْ هُذَيْلٍ فَرَمَتْ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِحَجَرٍ فَقَتَلَتْهَا وَمَا فِي بَطْنِهَا فَاخْتَصَمُوا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَضَى أَنَّ دِيَةَ جَنِينِهَا عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ وَقَضَى بِدِيَةِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا وَوَرَّثَهَا وَلَدَهَا وَمَنْ مَعَهُ} مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ (قِيمَتُهَا خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ) صِفَةٌ لِغُرَّةٍ وَذَلِكَ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَزَيْدٍ وَلِأَنَّهُ أَقَلُّ مَا قَدَّرَهُ الشَّرْعُ فِي الْجِنَايَةِ وَهُوَ أَرْشُ الْمُوضِحَةِ وَأَمَّا الْأُنْمُلَةُ فَمِقْدَارُهَا ثَبَتَ بِالْحِسَابِ مِنْ دِيَةِ الْإِصْبَعِ (مَوْرُوثَةٌ عَنْهُ) أَيْ: الْجَنِينِ (كَأَنَّهُ سَقَطَ حَيًّا) ثُمَّ مَاتَ لِأَنَّهَا بَدَلٌ وَلِأَنَّهَا دِيَةُ آدَمِيٍّ حُرٍّ فَوَجَبَ أَنْ تُورَثَ عَنْهُ كَسَائِرِ الدِّيَاتِ (فَلَا حَقَّ فِيهَا لِقَاتِلٍ) لِأَنَّهُ لَا يَرِثُ الْمَقْتُولَ (وَلَا لِكَامِلٍ رِقٍّ) لِأَنَّهُ مَانِعٌ لِلْإِرْثِ وَيَرِثُ الْمُبَعَّضُ مِنْهَا بِقَدْرِ حُرِّيَّتِهِ كَغَيْرِهَا (وَيَرِثُهَا) أَيْ: الْغُرَّةَ (عَصَبَةُ سَيِّدِ قَاتِلِ جَنِينِ أَمَتِهِ الْحُرِّ) كَأَنْ ضَرَبَ بَطْنَ أُمِّ وَلَدِهِ فَأَسْقَطَتْ وَلَدَهَا مِنْهُ فَلَا يَرِثُهُ هُوَ؛ لِأَنَّهُ قَاتِلٌ، وَيَرِثُهُ مَنْ عَدَاهُ مِنْ وَرَثَتِهِ. (وَلَا يُقْبَلُ فِيهَا) أَيْ الْغُرَّةِ (خَصِيٌّ وَنَحْوُهُ) كَخُنْثَى؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ " وَالْخُنْثَى لَيْسَ وَاحِدًا مِنْهُمَا، وَالْإِطْلَاقُ يَقْتَضِي السَّلَامَةَ. (وَلَا) يُقْبَلُ فِيهَا (مَعِيبٌ) عَيْبًا (يُرَدُّ بِهِ فِي بَيْعٍ) كَأَعْوَرَ وَمُكَاتَبٍ لِمَا تَقَدَّمَ وَكَالزَّكَاةِ (وَلَا مَنْ لَهُ دُونَ سَبْعِ سِنِينَ) لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ بِهِ الْمَقْصُودُ مِنْ الْخِدْمَةِ بَلْ يَحْتَاجُ إلَى مَنْ يَكْفُلُهُ وَيَخْدُمُهُ وَلَوْ أُرِيدَ نَفْسُ الْمُعَالِيَّةِ لَمْ تَتَعَيَّنْ فِي الْغُرَّةِ. (وَإِنْ أَعْوَزَتْ) الْغُرَّةُ (فَ) الْوَاجِبُ قِيمَتُهَا مِنْ أَصْلِ (الدِّيَةِ) وَهِيَ الْأَصْنَافُ الْخَمْسَةُ. (وَتُعْتَبَرُ) الْغُرَّةُ (سَلِيمَةً مَعَ سَلَامَتِهِ) أَيْ الْجَنِينِ (وَعَيْبُ الْأُمِّ) لِكَوْنِهَا خَرْسَاءَ أَوْ صَمَّاءَ وَنَحْوَهَا أَوْ نَاقِصَةً بَعْضَ الْأَطْرَافِ، وَهَذَا إنَّمَا يَتَّضِحُ فِي الْجَنِينِ الْقِنِّ، وَأَمَّا الْحُرُّ فَلَا تَخْتَلِفُ دِيَتُهُ بِاخْتِلَافِ ذَلِكَ كَمَا سَبَقَ. (وَجَنِينٌ مُبَعَّضٌ) كَجَنِينِ الْمُبَعَّضَةِ (بِحِسَابِهِ) مِنْ دِيَةٍ وَقِيمَةٍ. فَإِنْ كَانَ مُنَصَّفًا فَفِيهِ نِصْفُ غُرَّةٍ لِوَرَثَتِهِ وَنِصْفُ عُشْرِ قِيمَةِ أُمِّهِ لِسَيِّدِهِ. (وَفِي) جَنِينٍ (قِنٍّ وَلَوْ أُنْثَى عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّهِ) كَمَا لَوْ جَنَى عَلَيْهَا مُوضِحَةً. (وَ) إنْ كَانَ الْجَنِينُ قِنًّا وَأُمُّهُ حُرَّةً. بِأَنْ أَعْتَقَهَا سَيِّدُهَا وَاسْتَثْنَاهُ فَ (تُقَدَّرُ) أُمُّهُ (الْحُرَّةُ أَمَةً) كَعَكْسِهِ (وَيُؤْخَذُ عُشْرُ قِيمَتِهَا يَوْمَ جِنَايَةٍ) عَلَيْهَا (نَقْدًا) كَسَائِرِ أُرُوشِ الْأَمْوَالِ وَلَا يَجِبُ مَعَ غُرَّةٍ ضَمَانُ نَقْصِ أُمٍّ. (وَإِنْ ضَرَبَ بَطْنَ أَمَةٍ فَعَتَقَ جَنِينُهَا) بِأَنْ أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ دُونَهَا أَوْ كَانَ عَلَّقَ عِتْقَ جَنِينِهَا عَلَى ضَرْبِ جَانٍ بَطْنَهَا (ثُمَّ سَقَطَ) الْجَنِينُ مَيِّتًا. فَفِيهِ غُرَّةٌ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِيهِ بِحَالِ السُّقُوطِ. وَقَدْ سَقَطَ حُرًّا، وَكَذَا لَوْ ضَرَبَ بَطْنَ كَافِرَةٍ حَامِلٍ فَأَسْلَمَتْ أَوْ أَبُو الْحَمْلِ ثُمَّ سَقَطَ (أَوْ) ضَرَبَ (بَطْنَ مَيِّتَةٍ أَوْ) ضَرَبَ (عُضْوًا) مِنْهَا (وَخَرَجَ) الْجَنِينُ (مَيْتًا وَ) قَدْ (شُوهِدَ بِالْجَوْفِ) أَيْ جَوْفِ الْمَيِّتَةِ (يَتَحَرَّكُ) بَعْدَ مَوْتِهَا (فَفِيهِ غُرَّةٌ) كَمَا لَوْ ضَرَبَ حَيَّةً فَمَاتَتْ ثُمَّ خَرَجَ جَنِينُهَا مَيْتًا. (وَفِي) جَنِينٍ (مَحْكُومٍ بِكُفْرِهِ) كَجَنِينِ ذِمِّيَّةٍ مِنْ ذِمِّيٍّ لَاحِقٍ بِهِ (غُرَّةٌ قِيمَتُهَا عُشْرُ دِيَةِ أُمِّهِ) قِيَاسًا عَلَى جَنِينِ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ. (وَإِنْ كَانَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ) أَيْ الْجَنِينِ (أَشْرَفَ دِينًا) مِنْ الْآخَرِ (كَمَجُوسِيَّةٍ تَحْتَ كِتَابِيٍّ، أَوْ كِتَابِيَّةٍ تَحْتَ مُسْلِمٍ فَ) الْوَاجِبُ فِيهِ (غُرَّةٌ قِيمَتُهَا عُشْرُ دِيَةِ أُمِّهِ لَوْ كَانَتْ عَلَى ذَلِكَ الدِّينِ) الْأَشْرَفِ فَتُقَدَّرُ مَجُوسِيَّةٌ تَحْتَ كِتَابِيٍّ كِتَابِيَّةً، وَكِتَابِيَّةٌ تَحْتَ مُسْلِمٍ مُسْلِمَةً؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ يَتْبَعُ أَشْرَفَ أَبَوَيْهِ دِينًا وَتَقَدَّمَ، وَإِنْ أَسْلَمَ أَحَدُ أَبَوَيْ الْجَنِينِ بَعْدَ الضَّرْبِ وَقَبْلَ الْوَضْعِ فَفِيهِ غُرَّةٌ اعْتِبَارًا بِحَالِ السُّقُوطِ؛ لِأَنَّهُ حَالُ الِاسْتِقْرَارِ. (وَإِنْ سَقَطَ) الْجَنِينُ (حَيًّا لِوَقْتٍ يَعِيشُ لِمِثْلِهِ وَهُوَ نِصْفُ سَنَةٍ فَصَاعِدًا وَلَوْ لَمْ يَسْتَهِلَّ) ثُمَّ مَاتَ (فَفِيهِ مَا فِيهِ مَوْلُودًا) فَإِنْ كَانَ ذَكَرًا حُرًّا مُسْلِمًا فَدِيَتُهُ وَهَكَذَا؛ لِأَنَّهُ مَاتَ بِجِنَايَتِهِ، أَشْبَهَ مَا لَوْ بَاشَرَ قَتْلَهُ (وَإِلَّا) يَكُنْ سُقُوطُهُ لِوَقْتٍ يَعِيشُ لِمِثْلِهِ كَدُونِ نِصْفِ سَنَةٍ (فَكَمَيِّتٍ) لِأَنَّ الْعَادَةَ لَمْ تَجْرِ بِحَيَاتِهِ (وَإِنْ اخْتَلَفَا) أَيْ: الْجَانِي، وَوَارِثُ الْجَنِينِ (فِي خُرُوجِهِ) أَيْ: الْجَنِينِ (حَيًّا) بِأَنْ قَالَ الْجَانِي: سَقَطَ مَيِّتًا فَفِيهِ الْغُرَّةُ، وَقَالَ الْوَارِثُ: بَلْ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ فَفِيهِ الدِّيَةُ (وَلَا بَيِّنَةَ) لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا (فَقَوْلُ جَانٍ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لِمَا زَادَ عَلَى الْغُرَّةِ، وَالْأَصْلُ بَرَاءَتُهُ مِنْهُ، وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ بِذَلِكَ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْأُمِّ وَإِنْ ثَبَتَتْ حَيَاتُهُ وَقَالَتْ لِوَقْتٍ يَعِيشُ لِمِثْلِهِ وَأَنْكَرَ جَانٍ فَقَوْلُهَا، وَإِنْ ادَّعَتْ امْرَأَةٌ عَلَى آخَرَ أَنَّهُ ضَرَبَهَا فَأَلْقَتْ جَنِينَهَا فَأَنْكَرَ الضَّرْبَ، فَقَوْلُهُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ، وَإِنْ أَقَرَّ بِالضَّرْبِ أَوْ قَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ وَأَنْكَرَ أَنْ تَكُونَ أَسْقَطَتْ فَقَوْلُهُ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّهَا أَسْقَطَتْ لَا عَلَى الْبَتِّ؛ لِأَنَّهَا عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ وَإِنْ ثَبَتَ الْإِسْقَاطُ وَالضَّرْبُ وَادَّعَى إسْقَاطَهَا مِنْ غَيْرِ الضَّرْبِ، فَإِنْ كَانَتْ أَسْقَطَتْ عَقِبَ الضَّرْبِ فَقَوْلُهَا بِيَمِينِهَا إحَالَةً لِلْحُكْمِ عَلَى مَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ سَبَبًا لَهُ وَكَذَا لَوْ أَسْقَطَتْ بَعْدَهُ بِأَيَّامٍ وَكَانَتْ مُتَأَلِّمَةً إلَى الْإِسْقَاطِ، وَإِلَّا فَقَوْلُهُ بِيَمِينِهِ. (وَفِي جَنِينِ دَابَّةٍ مَا نَقَصَ أُمَّهُ) نَصًّا كَقَطْعِ بَعْضِ أَجْزَائِهَا قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ وَقِيَاسُهُ جَنِينُ الصَّيْدِ فِي الْحَرَمِ وَالْإِحْرَامِ.
وَإِنْ جَنَى قِنٌّ عَبْدًا أَوْ أَمَةً وَلَوْ مُدَبَّرًا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ مُعَلَّقًا عِتْقُهُ بِصِفَةٍ وَتَقَدَّمَ حُكْمُ مُكَاتَبٍ (خَطَأً أَوْ عَمْدًا لَا قَوَدَ فِيهِ) كَجَائِفَةٍ (أَوْ) عَمْدًا (فَفِيهِ قَوَدٌ، وَاخْتِيرَ الْمَالُ) أَيْ: اخْتَارَهُ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ (أَوْ أَتْلَفَ مَالًا) تَعَدِّيًا لَمْ تَبْلُغْ جِنَايَتُهُ وَلَا إتْلَافُهُ؛ لِأَنَّهَا جِنَايَةُ آدَمِيٍّ فَوَجَبَ اعْتِبَارُهَا كَجِنَايَةِ الْحُرِّ، وَكَالصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ وَأَوْلَى، وَلَا يُمْكِنُ تَعَلُّقُهَا بِذِمَّةِ الرَّقِيقِ لِأَنَّهُ يُفْضِي إلَى إلْغَائِهَا أَوْ تَأْخِيرِ حَقِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إلَى غَيْرِ نِهَايَةٍ وَلَا بِذِمَّةِ السَّيِّدِ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْنِ فَتَعَيَّنَ تَعَلُّقُهَا بِرَقَبَةِ الرَّقِيقِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُوجِبُ جِنَايَتِهِ كَالْقِصَاصِ وَإِذَا تَعَلَّقَتْ بِرَقَبَتِهِ (خُيِّرَ سَيِّدُهُ بَيْنَ بَيْعِهِ فِي الْجِنَايَةِ وَفِدَائِهِ ثُمَّ إنْ كَانَتْ) الْجِنَايَةُ (بِأَمْرِهِ) أَيْ السَّيِّدِ (أَوْ إذْنِهِ فَدَاهُ بِأَرْشِهَا) أَيْ: الْجِنَايَةِ (كُلِّهِ) نَصًّا لِوُجُوبِ ضَمَانِهِ عَلَى السَّيِّدِ بِإِذْنِهِ كَالِاسْتِدَانَةِ بِإِذْنِهِ (وَإِلَّا) تَكُنْ الْجِنَايَةُ بِأَمْرِ سَيِّدٍ أَوْ إذْنِهِ (وَلَوْ أَعْتَقَهُ) أَيْ: الرَّقِيقَ الْجَانِيَ سَيِّدُهُ (وَلَوْ) كَانَ إعْتَاقُهُ (بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْجِنَايَةِ فَ) يَفْدِيهِ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْجِنَايَةِ وَقَدْ أَتْلَفَهُ عَلَى مَنْ تَعَلَّقَ حَقُّهُ بِهِ أَشْبَهَ مَا لَوْ قَتَلَهُ (بِالْأَقَلِّ مِنْهُ) أَيْ: أَرْشِ الْجِنَايَةِ (أَوْ مِنْ قِيمَتِهِ) لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْأَقَلُّ الْأَرْشَ فَلَا طَلَبَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِأَكْثَرَ مِنْهُ لِأَنَّهُ الَّذِي وَجَبَ لَهُ وَإِنْ كَانَ قِيمَةُ الْقِنِّ فَهِيَ بَدَلُ الْمَحَلِّ الَّذِي تَعَلَّقَتْ بِهِ الْجِنَايَةُ. (وَإِنْ سَلَّمَهُ) أَيْ الرَّقِيقَ الْجَانِيَ سَيِّدُهُ لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ (فَأَبَى وَلِيُّ) الْجِنَايَةِ (قَبُولَهُ وَقَالَ) لِسَيِّدِهِ (بِعْهُ أَنْتَ لَمْ يَلْزَمْهُ) أَيْ: السَّيِّدَ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّهُ أَدَّى مَا عَلَيْهِ بِتَسْلِيمِ مَا تَعَلَّقَ بِهِ. الْحَقُّ (وَيَبِيعُهُ حَاكِمٌ) بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ لِيَصِلَ لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ حَقُّهُ (وَلَهُ) أَيْ: سَيِّدِ الْجَانِي (التَّصَرُّفُ فِيهِ) أَيْ: الرَّقِيقِ الْجَانِي بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَغَيْرِهِمَا مَا لَمْ يَكُنْ أُمَّ وَلَدٍ وَلَا يَزُولُ بِذَلِكَ تَعَلُّقُ الْجِنَايَةِ عَنْ رَقَبَتِهِ (كَ) تَصَرُّفِ (وَارِثٍ فِي تَرِكَةِ) مَوْرُوثِهِ الْمَدْيُونِ ثُمَّ إنْ وَفَّى الْحَقَّ نَفَذَ تَصَرُّفُهُ وَإِلَّا رُدَّ التَّصَرُّفُ وَتَقَدَّمَ وَيَنْفُذُ عِتْقُهُ، وَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ الْجَانِي أَوْ هَرَبَ قَبْلَ مُطَالَبَةِ سَيِّدِهِ بِتَسْلِيمِهِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَمْ يَمْنَعْ مِنْهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَتَلَهُ أَجْنَبِيٌّ فَاخْتَارَ أَبُو بَكْرٍ وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ تَعَلُّقَ الْحَقِّ بِقِيمَتِهِ لِأَنَّهَا بَدَلُهُ. (وَإِنْ جَنَى) قِنٌّ (عَمْدًا فَعَفَا وَلِيُّ قَوَدٍ عَلَى رَقَبَتِهِ لَمْ يَمْلِكْهُ بِغَيْرِ رِضَا سَيِّدِهِ) لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَمْلِكْهُ بِالْجِنَايَةِ فَبِالْعَفْوِ أَوْلَى وَلِانْتِقَالِ حَقِّهِ إلَى الْمَالِ فَصَارَ كَالْجَانِي خَطَأً. (وَإِنْ جَنَى) قِنٌّ (عَلَى عَدَدٍ) اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ (خَطَأً) فِي وَقْتٍ أَوْ أَوْقَاتٍ (زَاحَمَ كُلٌّ) مِنْ أَوْلِيَاءِ الْجِنَايَةِ (بِحِصَّتِهِ) لِتَسَاوِيهِمْ فِي الِاسْتِحْقَاقِ كَمَا لَوْ جَنَى عَلَيْهِمْ دُفْعَةً وَاحِدَةً (فَلَوْ عَفَا الْبَعْضُ) عَنْ حَقِّهِ (أَوْ كَانَ) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (وَاحِدًا فَمَاتَ وَعَفَا بَعْضُ وَرَثَتِهِ تَعَلَّقَ حَقُّ الْبَاقِي) الَّذِي لَمْ يَعْفُ (بِجَمِيعِهِ) أَيْ: الْجَانِي لِأَنَّهُ اشْتِرَاكُ تَزَاحُمٍ وَقَدْ زَالَ الْمُزَاحِمُ كَمَا لَوْ جَنَى عَلَى إنْسَانٍ فَفَدَاهُ سَيِّدُهُ ثُمَّ جَنَى عَلَى آخَرَ فَيَسْتَقِرُّ لِلْأَوَّلِ مَا أَخَذَهُ وَلَا يُزَاحِمُهُ فِيهِ الثَّانِي بَلْ يُطْلَبُ سَيِّدُهُ بِفِدَائِهِ (وَشِرَاءُ وَلِيِّ قَوَدٍ لَهُ) أَيْ: الْجَانِي جِنَايَةً تُوجِبُ الْقَوَدَ (عَفْوٌ عَنْهُ) وَقِيَاسُهُ لَوْ أَخَذَهُ عِوَضًا فِي نَحْوِ إجَارَةٍ أَوْ جَعَالَةٍ أَوْ صُلْحٍ أَوْ خُلْعٍ لَا إنْ وَرِثَهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ- أَيْ: فِي الرَّهْنِ- وَفِيمَا إذَا قَبِلَهُ هِبَةً تَأَمَّلْ. (وَإِنْ جَرَحَ) قِنٌّ (حُرًّا فَعَفَا) عَنْ جِرَاحَتِهِ (ثُمَّ مَاتَ) الْعَافِي (مِنْ جِرَاحَتِهِ وَلَا مَالَ لَهُ) أَيْ الْعَافِي وَلَمْ تُجِزْهُ الْوَرَثَةُ (وَاخْتَارَ سَيِّدُهُ) أَيْ الْجَانِي (فِدَاهُ فَإِنْ لَزِمَتْهُ) أَيْ: السَّيِّدَ (قِيمَتُهُ لَوْ لَمْ يَعْفُ) الْمَجْرُوحُ بِأَنْ كَانَتْ بِلَا أَمْرِ السَّيِّدِ وَلَا إذْنِهِ (فَدَاهُ) سَيِّدُهُ (بِثُلُثَيْهَا) أَيْ: ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ لِأَنَّهُ جَمِيعُ مَالِهِ فَنَفَذَ عَفْوُهُ فِي ثُلُثِهِ كَمُحَابَاةِ غَيْرِهِ (وَإِنْ لَزِمَتْهُ) أَيْ: السَّيِّدَ (الدِّيَةُ) كَامِلَةً بِأَنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ بِأَمْرِهِ أَوْ إذْنِهِ (زِدْت نِصْفَهَا) أَيْ: الدِّيَةِ (عَلَى قِيمَتِهِ) أَيْ: الْجَانِي (فَيَفْدِيهِ) سَيِّدُهُ (بِنِسْبَةِ الْقِيمَةِ مِنْ الْمَبْلَغِ) فَلَوْ كَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ حُرًّا مُسْلِمًا ذَكَرًا، وَقِيمَةُ الْجَانِي مِائَةُ مِثْقَالٍ فَزِدْ عَلَيْهَا نِصْفَ الدِّيَةِ خَمْسَمِائَةَ مِثْقَالٍ يَصِيرُ الْمَجْمُوعُ سِتَّمِائَةً، نِسْبَةُ الْقِيمَةِ إلَيْهَا سُدُسٌ فَيَفْدِيهِ بِسُدُسِ دِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فِي الْمِثَالِ امْرَأَةً حُرَّةً مُسْلِمَةً وَفَعَلَتْ ذَلِكَ اجْتَمَعَ ثَلَاثُمِائَةٍ وَخَمْسُونَ وَنِسْبَةُ الْقِيمَةِ إلَيْهَا سُبْعَانِ فَيَفْدِي بِسُبْعِ دِيَتِهَا وَقَدْ أَوْضَحْت الْمَسْأَلَةَ وَبَيَّنْت أَنَّهَا مِنْ الْمَسَائِلِ الدَّوْرِيَّةِ فِي الْحَاشِيَةِ. (وَيَضْمَنُ مُعْتَقٌ) بِفَتْحِ التَّاءِ (مَا تَلِفَ بِبِئْرٍ حَفَرَهُ) تَعَدِّيًا (قِنًّا) اعْتِبَارًا بِوَقْتِ التَّلَفِ.
وَالْمَنَافِعُ: جَمْعُ مَنْفَعَةٍ اسْمُ مَصْدَرٍ مِنْ نَفَعَنِي كَذَا نَفْعًا ضِدُّ الضَّرَرِ (مَنْ أَتْلَفَ مَا فِي الْإِنْسَانِ مِنْهُ) شَيْءٌ (وَاحِدٌ كَأَنْفٍ وَلَوْ مَعَ عِوَجِهِ) أَيْ: الْأَنْفِ بِأَنْ قَطَعَ مَارِنَهُ وَهُوَ مَا لَانَ مِنْهُ فَفِيهِ دِيَةُ نَفْسِهِ نَصًّا فَإِنْ كَانَ مِنْ ذَكَرٍ حُرٍّ مُسْلِمٍ فَفِيهِ دِيَتُهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ حُرَّةٍ مُسْلِمَةٍ فَفِيهِ دِيَتُهَا وَإِنْ كَانَ مِنْ خُنْثَى مُشْكِلٍ فَفِيهِ دِيَتُهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ (وَ) كَ (ذَكَرٍ وَلَوْ لِصَغِيرٍ) نَصًّا (أَوْ شَيْخٍ فَانٍ) فَفِيهِ دِيَةُ نَفْسِهِ (وَ) كَ (لِسَانٍ يَنْطِقُ بِهِ كَبِيرٌ أَوْ يُحَرِّكُهُ صَغِيرٌ بِبُكَاءٍ فَفِيهِ دِيَةُ نَفْسِهِ) أَيْ: الْمَقْطُوعِ مِنْهُ ذَلِكَ لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ مَرْفُوعًا {وَفِي الذَّكَرِ الدِّيَةُ، وَفِي الْأَنْفِ إذَا أُوعِبَ جَذْعَا الدِّيَةُ وَفِي اللِّسَانِ الدِّيَةُ} رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَلَفْظُهُ لَهُ وَلِأَنَّ فِي إتْلَافِهِ إذْهَابَ مَنْفَعَةِ الْجِنْسِ. (وَمَا فِيهِ) أَيْ الْإِنْسَانِ (مِنْهُ شَيْئَانِ فَفِيهِمَا الدِّيَةُ وَفِي أَحَدِهِمَا نِصْفُهَا) نَصًّا (كَعَيْنَيْنِ وَلَوْ مَعَ حَوَلٍ أَوْ عَمَشٍ) وَسَوَاءٌ الصَّغِيرَتَانِ وَالْكَبِيرَتَانِ لِعُمُومِ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ (وَمَعَ بَيَاضٍ) بِالْعَيْنَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا (يُنْقِصُ الْبَصَرَ تَنْقُصُ) الدِّيَةُ (بِقَدْرِهِ) أَيْ: نَقْصِ الْبَصَرِ (وَ) كَ (أُذُنَيْنِ) قَضَى بِهِ عُمَرُ وَعَلِيٌّ (وَشَفَتَيْنِ) إذَا اسْتَوْعَبَتَا. وَفِي الْبَعْضِ بِقِسْطِهِ مِنْ دِيَتِهَا يُقَدَّرُ بِالْأَجْزَاءِ (وَ) كَ (لَحْيَيْنِ) وَهُمَا الْعَظْمَانِ اللَّذَانِ فِيهِمَا الْأَسْنَانُ لِأَنَّ لَهُ فِيهِمَا نَفْعًا وَجَمَالًا وَلَيْسَ فِي الْبَدَنِ مِثْلَمَا (وَ) كَ (ثَنْدُوَتَيْ رَجُلٍ) بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ وَهُمَا لَهُ بِمَنْزِلَةِ ثَدْيَيْ الْمَرْأَةِ فَإِنْ ضَمَمْت الْأَوَّلَ هَمَزْت وَإِذَا فَتَحْتَهُ لَمْ تَهْمِزْ فَالْوَاحِدَةُ مَعَ الْهَمْزَةِ فُعْلَلَةٌ وَمَعَ الْفَتْحِ فَعْلُوةٌ (وَ) كَ (أُنْثَيَيْهِ) أَيْ الرَّجُلِ فَفِيهِمَا الدِّيَةُ وَفِي إحْدَاهُمَا نِصْفُهَا (وَ) كَ (ثَدْيَيْ أُنْثَى وَإِسْكَتَيْهَا) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِهَا (وَهُمَا شَفْرَاهَا) أَيْ: حَافَّتَا فَرْجِهَا، فَفِيهِمَا الدِّيَةُ لِأَنَّ فِيهِمَا نَفْعًا وَجَمَالًا وَلَيْسَ فِي الْبَدَنِ غَيْرُهُمَا مِنْ جِنْسِهِمَا وَإِنْ جَنَى عَلَيْهِمَا فَأَشَلَّهُمَا فَالدِّيَةُ كَمَا لَوْ أَشَلَّ الشَّفَتَيْنِ، وَسَوَاءٌ الرَّتْقَاءُ وَغَيْرُهَا. وَرُوِيَ عَنْ زَيْدٍ فِي الشَّفَةِ السُّفْلَى ثُلُثَا الدِّيَةِ وَفِي الْعُلْيَا ثُلُثُهَا؛ لِعِظَمِ نَفْعِ السُّفْلَى لِأَنَّهَا الَّتِي تَدُورُ وَتَتَحَرَّكُ وَتَحْفَظُ الرِّيقَ، وَهُوَ مُعَارَضٌ بِقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ وَعَلِيٍّ (وَ) كَ (يَدَيْنِ وَرِجْلَيْنِ) لِأَنَّ فِي إتْلَافِهِمَا إذْهَابَ مَنْفَعَةِ الْجِنْسِ (وَقَدَمُ أَعْرَجَ) كَصَحِيحٍ (وَيَدُ أَعْسَمٍ) بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ (وَهُوَ أَعْوَجُ الرُّسْغِ) بِإِسْكَانِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّهَا أَيْ: مَفْصِلُ الذِّرَاعِ كَصَحِيحٍ (وَ) يَدُ (مُرْتَعِشٌ كَصَحِيحٍ لِلتَّسَاوِي فِي الْبَطْشِ وَمَنْ لَهُ كَفَّانِ عَلَى ذِرَاعٍ) وَاحِدٍ. (أَوْ) لَهُ (يَدَانِ وَذِرَاعَانِ عَلَى عَضُدٍ) وَاحِدٍ (وَتَسَاوَتَا فِي غَيْرِ بَطْشٍ) وَهُمَا غَيْرُ بَاطِشَيْنِ (فَفِيهَا حُكُومَةٌ) لِأَنَّهُ لَا نَفْعَ فِيهِمَا فَهُمَا كَالْيَدِ الشَّلَّاءِ (وَ) إنْ اسْتَوَتْ الْيَدَانِ (فِي بَطْشٍ أَيْضًا فَ) فِيهِمَا دِيَةُ (يَدٍ وَلِلزَّائِدَةِ حُكُومَةٌ، وَفِي إحْدَاهُمَا نِصْفُ دِيَةِ يَدٍ وَحُكُومَةٌ، وَفِي أَصَابِعِ إحْدَاهُمَا خَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ) لِأَنَّهُ نِصْفُ دِيَةِ الْأُصْبُعِ مِنْ الْيَدِ الْأَصْلِيَّةِ وَهُمَا كَالْيَدِ الْوَاحِدَةِ وَقِيَاسُ مَا قَبْلَهُ وَحُكُومَةٌ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِقْنَاعِ (وَلَا يُقَادَانِ) أَيْ: الْيَدَانِ الْبَاطِشَتَانِ عَلَى ذِرَاعٍ أَوْ عَضُدٍ وَاحِدٍ بِيَدٍ لِئَلَّا تُؤْخَذَ يَدَانِ بِوَاحِدَةٍ (وَلَا تُقَادُ إحْدَاهُمَا بِيَدٍ) لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ الْمَقْطُوعَةُ هِيَ الزَّائِدَةَ فَلَا تُقَادُ بِالْأَصْلِيَّةِ (وَكَذَا حُكْمُ رِجْلٍ) إذَا كَانَ لَهُ قَدَمَانِ عَلَى سَاقٍ فَإِنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا أَطْوَلَ مِنْ الْأُخْرَى فَقَطَعَ الطَّوِيلَةَ وَأَمْكَنَهُ الْمَشْيُ عَلَى الْقَصِيرَةِ فَهِيَ الْأَصْلِيَّةُ وَإِلَّا فَهِيَ زَائِدَةٌ قَالَهُ فِي الْكَافِي (وَفِي أَلْيَتَيْنِ وَهُمَا مَا عَلَا الظَّهْرَ، وَعَنْ اسْتِوَاءِ الْفَخِذَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَصِلْ) الْقَطْعُ (إلَى الْعَظْمِ الدِّيَةُ) كَامِلَةٌ كَالْيَدَيْنِ وَفِي إحْدَاهُمَا نِصْفُهَا (وَفِي مَنْخَرَيْنِ ثُلُثَاهَا) أَيْ الدِّيَةِ، وَالْمَنْخِرُ بِفَتْحِ الْمِيمِ كَمَسْجِدٍ، وَقَدْ تُكْسَرُ إتْبَاعًا لِلْخَاءِ (وَفِي حَاجِزٍ ثُلُثُهَا) لِاشْتِمَالٍ الْمَارِنِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: مَنْخِرَيْنِ وَحَاجِزٍ فَوَجَبَ تَوْزِيعُ الدِّيَةِ عَلَى عَدَدِهَا كَالْأَصَابِعِ، وَإِنْ قَطَعَ أَحَدَ الْمَنْخِرَيْنِ وَنِصْفَ الْحَاجِزِ فَفِي ذَلِكَ نِصْفُ الدِّيَةِ وَإِنْ شَقَّ الْحَاجِزِ بَيْنَهُمَا فَفِيهِ حُكُومَةٌ (وَفِي الْأَجْفَانِ) الْأَرْبَعَةِ (الدِّيَةُ وَفِي أَحَدِهِمَا) أَيْ الْأَجْفَانِ (رُبْعُهَا)؛ لِأَنَّهَا أَعْضَاءٌ فِيهَا جَمَالٌ ظَاهِرٌ وَنَفْعٌ كَامِلٌ؛ لِأَنَّهَا تُكِنُّ الْعَيْنَ وَتَحْفَظُهَا مِنْ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَلَوْلَاهَا لِقُبْحِ مَنْظَرِ الْعَيْنِ. وَأَجْفَانِ عَيْنِ الْأَعْمَى كَغَيْرِهَا لِأَنَّ ذَهَابِ الْبَصَرِ عَيْبٌ فِي غَيْرِ الْأَجْفَانِ (وَفِي أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ أَوْ) أَصَابِعِ (الرِّجْلَيْنِ الدِّيَةُ وَفِي أُصْبُعِ) يَدٍ أَوْ رِجْلٍ (عُشْرُهَا) أَيْ: الدِّيَةِ لِحَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ وَصَحَّحَهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا {دِيَةُ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ عَشْرٌ مِنْ الْإِبِلِ لِكُلِّ أُصْبُعٍ} وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْهُ مَرْفُوعًا قَالَ: " هَذِهِ وَهَذِهِ سَوَاءٌ " يَعْنِي الْخِنْصَرَ وَالْإِبْهَامَ (وَفِي الْأُنْمُلَةِ وَلَوْ مَعَ ظُفْرٍ) إنْ كَانَتْ (مِنْ إبْهَامِ) يَدٍ أَوْ رِجْلٍ (نِصْفُ عُشْرِ) الدِّيَةِ لِأَنَّ فِي الْإِبْهَامِ مَفْصِلَيْنِ فَفِي كُلِّ مَفْصِلٍ نِصْفُ عَقْلِ الْإِبْهَامِ (وَ) فِي الْأُنْمُلَةِ (مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ الْإِبْهَامِ (ثُلُثُهُ) أَيْ: ثُلُثُ عُشْرِ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ فِيهِ ثَلَاثَةَ مَفَاصِلَ فَتُوَزَّعُ دِيَتُهُ عَلَيْهَا (وَفِي ظُفْرٍ لَمْ يَعُدْ أَوْ عَادَ أَسْوَدَ خُمْسُ دِيَةِ أُصْبُعٍ) نَصًّا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ. (وَفِي سِنٍّ أَوْ نَابٍ أَوْ ضِرْسٍ قُلِعَ بِسِنْخِهِ) بِكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ: أَصْلِهِ (أَوْ) قُلِعَ (الظَّاهِرُ) مِنْهُ (فَقَطْ وَلَوْ) كَانَ السِّنُّ (مِنْ صَغِيرٍ وَلَمْ يَعُدْ أَوْ عَادَ أَسْوَدَ وَاسْتَمَرَّ) أَسْوَدَ (أَوْ) عَادَ (أَبْيَضَ ثُمَّ اسْوَدَّ بِلَا عِلَّةٍ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ) رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ. وَفِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ مَرْفُوعًا {فِي السِّنِّ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ} رَوَاهُ النَّسَائِيُّ. وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا {فِي الْأَسْنَانِ خَمْسٌ} رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَهُوَ عَامٌّ فَيَدْخُلُ فِيهِ النَّابُ وَالضِّرْسُ، وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: الْأَصَابِعُ سَوَاءٌ وَالْأَسْنَانُ سَوَاءٌ الثَّنِيَّةُ وَالضِّرْسُ " سَوَاءٌ هَذِهِ وَهَذِهِ سَوَاءٌ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فَفِي جَمِيعِ الْأَسْنَانِ مِائَةٌ وَسِتُّونَ بَعِيرًا لِأَنَّهَا اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ أَرْبَعٌ ثَنَايَا، وَأَرْبَعٌ رُبَاعِيَّاتٌ وَأَرْبَعَةُ أَنْيَابٍ وَعِشْرُونَ ضِرْسًا فِي كُلِّ جَانِبٍ عَشَرَةٌ، خَمْسَةٌ مِنْ فَوْقَ وَخَمْسَةٌ مِنْ تَحْتَ (وَفِي سِنْخٍ وَحْدَهُ) أَيْ: بِلَا سِنٍّ حُكُومَةٌ. (وَ) فِي (سِنٍّ أَوْ ظُفْرٍ عَادَ قَصِيرًا أَوْ) عَادَ (مُتَغَيِّرًا أَوْ ابْيَضَّ ثُمَّ اسْوَدَّ لِعِلَّةٍ حُكُومَةٌ) لِأَنَّهَا أَرْشُ كُلِّ مَا لَا مُقَدَّرَ فِيهِ وَتَأْتِي (وَتَجِبُ دِيَةُ يَدٍ وَ) دِيَةُ (رِجْلٍ بِقَطْعِ) يَدٍ (مِنْ كُوعٍ وَ) قَطْعِ رِجْلٍ مِنْ (كَعْبٍ) لِفَوَاتِ نَفْعِهِمَا الْمَقْصُودِ مِنْهُمَا بِالْقَطْعِ مِنْ ذَلِكَ وَلِذَلِكَ اُكْتُفِيَ بِقَطْعِهِمَا مِمَّنْ سَرَقَ مَرَّتَيْنِ (وَلَا شَيْءَ فِي زَائِدٍ لَوْ قُطِعَا) أَيْ: الْيَدُ وَالرِّجْلُ وَالتَّذْكِيرُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُمَا عُضْوَانِ (مِنْ فَوْقَ ذَلِكَ) كَأَنْ قُطِعَتْ الْيَدُ مِنْ الْمَنْكِبِ وَالرِّجْلُ مِنْ السَّاقِ نَصًّا لِأَنَّ الْيَدَ اسْمٌ لِلْجَمِيعِ إلَى الْمَنْكِبِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَيْدِيَكُمْ إلَى الْمَرَافِقِ} وَالرِّجْلُ إلَى السَّاقِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَرْجُلَكُمْ إلَى الْكَعْبَيْنِ} وَلَمَّا. نَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ مَسَحَتْ الصَّحَابَةُ إلَى الْمَنَاكِبِ وَأَمَّا قَطْعُهُمَا فِي السَّرِقَةِ مِنْ الْكُوعِ وَالْكَعْبِ فَلِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ وَلِذَلِكَ وَجَبَتْ دِيَتُهُمَا بِقَطْعِهِمَا مِنْهُ كَقَطْعِ أَصَابِعِهِمَا، وَكَذَلِكَ الذَّكَرُ يَجِبُ بِقَطْعِهِ مِنْ أَصْلِهِ كَمَا يَجِبُ بِقَطْعِ الْحَشَفَةِ فَإِنْ قَطَعَ يَدَهُ مِنْ الْكُوعِ ثُمَّ قَطَعَهَا مِنْ الْمَرْفِقِ وَجَبَ فِي الْمَقْطُوعِ ثَانِيًا حُكُومَةٌ كَمَا فِي شَرْحِهِ وَالْإِقْنَاعِ، وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِيهِ ثُلُثُ دِيَةِ يَدٍ لِوُجُوبِ دِيَةِ الْيَدِ عَلَيْهِ بِالْقَطْعِ الْأَوَّلِ فَوَجَبَ بِالثَّانِي مَا فِيهِ لَوْ انْفَرَدَ كَمَا لَوْ قَطَعَ الْأَصَابِعَ ثُمَّ الْكَفَّ أَوْ كَمَا لَوْ فَعَلَهُ قَاطِعَانِ. (وَفِي مَارِنِ أَنْفٍ وَحَشَفَةِ ذَكَرٍ وَحَلَمَةِ ثَدْيٍ) دِيَةٌ كَامِلَةٌ لِأَنَّهُ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ الْجَمَالُ فِي الْأَنْفِ، وَحَشَفَةُ الذَّكَرِ وَحَلَمَةُ الثَّدْيِ بِمَنْزِلَةِ الْأَصَابِعِ مِنْ الْيَدَيْنِ (وَ) فِي (تَسْوِيدِ سِنٍّ وَظُفْرٍ وَ) تَسْوِيدِ (أَنْفٍ) وَتَسْوِيدِ أُذُنٍ بِحَيْثُ لَا يَزُولُ التَّسْوِيدُ دِيَةُ ذَلِكَ الْعُضْوِ كَامِلَةٌ لِإِذْهَابِ جَمَالِهِ وَفِي (شَلَلِ غَيْرِ أَنْفٍ وَ) غَيْرِ (أُذُنٍ كَ) شَلَلِ (يَدٍ وَ) شَلَلِ (مَثَانَةٍ) مُجْتَمَعِ الْبَوْلِ (أَوْ ذَهَابِ نَفْعِ عُضْوٍ دِيَتُهُ) أَيْ: ذَلِكَ الْعُضْوِ (كَامِلَةً) لِصَيْرُورَتِهِ كَالْمَعْدُومِ كَمَا لَوْ قَطَعَهُ (وَفِي شَفَتَيْنِ صَارَتَا لَا تَنْطَبِقَانِ عَلَى أَسْنَانٍ أَوْ اسْتَرْخَتَا فَلَمْ تَنْفَصِلَا عَنْهُمَا) أَيْ: الْأَسْنَانِ (دِيَتُهُمَا) لِتَعْطِيلِهِ نَفْعَهُمَا وَجَمَالَهُمَا كَمَا لَوْ أَشَلَّهُمَا أَوْ قَطَعَهُمَا (وَفِي قَطْعِ أَشَلَّ) مِنْ أُذُنٍ وَأَنْفٍ (وَمَخْرُومٍ مِنْ أُذُنٍ وَأَنْفٍ) إذَا قَطَعَ وِتْرَهُ دِيَتُهُ كَامِلَةٌ لِبَقَاءِ جَمَالِهِمَا وَلِأَنَّ الْأَنْفَ الْمَخْرُومَ أَنْفٌ كَامِلٌ لَكِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَرِيضِ (وَ) فِي (أُذُنِ أَصَمَّ وَأَنْفٍ أَخْشَمَ) لَا يَجِدُ رَائِحَةَ شَيْءٍ (دِيَتُهُ) أَيْ: ذَلِكَ الْعُضْوِ (كَامِلَةٌ) لِأَنَّ الصَّمَمَ وَعَدَمَ الشَّمِّ عَيْبٌ فِي غَيْرِ الْأُذُنِ وَالْأَنْفِ وَجَمَالُهُمَا بَاقٍ (وَفِي) قَطْعِ (نِصْفِ ذَكَرٍ بِالطُّولِ نِصْفُ دِيَتِهِ) أَيْ: الذَّكَرِ؛ لِإِذْهَابِهِ نِصْفَهُ كَسَائِرِ مَا فِيهِ مُقَدَّرٌ وَقِيلَ بَلْ دِيَةٌ كَامِلَةٌ وَاخْتَارَهُ فِي الْإِقْنَاعِ وَغَيْرِهِ فَإِنْ ذَهَبَ نِكَاحُهُ بِذَلِكَ فَدِيَةٌ كَامِلَةٌ لِذَهَابِ الْمَنْفَعَةِ (وَفِي عَيْنٍ قَائِمَةٍ بِمَكَانِهَا صَحِيحَةٍ غَيْرَ أَنَّهُ ذَهَبَ نَظَرُهَا) حُكُومَةٌ. (وَ) فِي (عُضْوٍ ذَهَبَ نَفْعُهُ وَبَقِيَتْ صُورَتُهُ) كَ (أَشَلَّ مِنْ يَدٍ وَرِجْلٍ وَأُصْبُعٍ وَثَدْيٍ وَذَكَرٍ وَلِسَانِ أَخْرَسَ) لَا ذَوْقَ لَهُ (أَوْ) لِسَانِ (طِفْلٍ) بَلَغَ (أَنْ يُحَرِّكَهُ بِبُكَاءٍ أَوْ لَمْ يُحَرِّكْهُ) حُكُومَةٌ (أَوْ) فِي (ذَكَرِ خَصِيٍّ وَعِنِّينٍ وَسِنٍّ سَوْدَاءَ وَثَدْيٍ بِلَا حَلَمَةٍ وَذَكَرٍ بِلَا حَشَفَةٍ وَقَصَبَةِ أَنْفٍ وَشَحْمَةِ أُذُنٍ) حُكُومَةٌ (وَ) فِي (زَائِدٍ مِنْ يَدٍ وَرِجْلٍ وَأُصْبُعٍ وَسِنٍّ وَشَلَلِ أَنْفٍ وَأُذُنٍ وَتَعْوِيجِهِمَا) أَيْ الْأَنْفِ وَالْأُذُنِ (حُكُومَةٌ) لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهَا تَقْدِيرٌ وَإِنْ قَطَعَ قِطْعَةً مِنْ الذَّكَرِ مِمَّا دُونَ الْحَشَفَةِ فَكَانَ الْبَوْلُ يَخْرُجُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ وَجَبَ بِقَدْرِ الْقِطْعَةِ مِنْ جَمِيعِ الذَّكَرِ مِنْ الدِّيَةِ، وَإِنْ خَرَجَ الْبَوْلُ مِنْ مَوْضِعِ الْقَطْعِ وَجَبَ الْأَكْثَرُ مِنْ حِصَّةِ الْقَطْعِ مِنْ الدِّيَةِ وَالْحُكُومَةِ وَإِنْ ثَقَبَ ذَكَرَهُ فِيمَا دُونَ الْحَشَفَةِ فَصَارَ الْبَوْلُ يَخْرُجُ مِنْ الثُّقْبَةِ فَفِيهِ حُكُومَةٌ قَالَهُ فِي الشَّرْحِ (وَفِي ذَكَرٍ وَأُنْثَيَيْنِ قُطِعُوا مَعًا) أَيْ: دُفْعَةً وَاحِدَةً دِيَتَانِ، وَفِي عَوْدِ الْوَاوِ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ نَظَرٌ، وَلَعَلَّهُ سَهَّلَهُ كَوْنُهَا بَعْضَ مَنْ يَعْقِلُ (أَوْ) قُطِعَ (هُوَ) أَيْ: الذَّكَرُ (ثُمَّ هُمَا) أَيْ: الْأُنْثَيَانِ (دِيَتَانِ)؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ لَوْ انْفَرَدَ لَوَجَبَ فِي قَطْعِهِ الدِّيَةُ فَكَذَا لَوْ اجْتَمَعَا (وَإِنْ قُطِعَتَا) أَيْ الْخُصْيَتَانِ (ثُمَّ قُطِعَ) الذَّكَرُ (فَفِيهِمَا) أَيْ: الْأُنْثَيَيْنِ (الدِّيَةُ) كَامِلَةً كَمَا لَوْ لَمْ يُقْطَعْ الذَّكَرُ (وَفِيهِ) أَيْ: الذَّكَرِ الْمَقْطُوعِ بَعْدَهُمَا (حُكُومَةٌ) لِأَنَّهُ ذَكَرُ خَصِيٍّ (وَمَنْ قَطَعَ أَنْفًا أَوْ قَطَعَ أُذُنَيْنِ فَذَهَبَ الشَّمُّ) بِقَطْعِ الْأَنْفِ (أَوْ) ذَهَبَ (السَّمْعُ) بِقَطْعِ الْأُذُنَيْنِ (فَ) عَلَيْهِ (دِيَتَانِ) لِأَنَّ الشَّمَّ مِنْ غَيْرِ الْأَنْفِ وَالسَّمْعَ مِنْ غَيْرِ الْأُذُنَيْنِ فَلَا تَدْخُلُ دِيَةُ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ. كَالْبَصَرِ مَعَ الْأَجْفَانِ وَالنُّطْقِ مَعَ الشَّفَتَيْنِ، فَإِنْ ذَهَبَ سَمْعُ إحْدَى الْأُذُنَيْنِ دُونَ الْأُخْرَى فَنِصْفُ الدِّيَةِ، وَإِنْ نَقَصَ فَقَطْ فَحُكُومَةٌ (وَتَنْدَرِجُ دِيَةُ نَفْعِ بَاقِي الْأَعْضَاءِ فِي دِيَتِهَا) فَتَنْدَرِجُ دِيَةُ الْبَصَرِ فِي الْعَيْنَيْنِ إذَا قَلَعَهُمَا لَهُمَا وَكَذَا اللِّسَانُ تَنْدَرِجُ فِيهِ دِيَةُ الْكَلَامِ وَالذَّوْقِ وَسَائِرِ الْأَعْضَاءِ. (تَجِبُ) الدِّيَةُ (كَامِلَةً فِي كُلِّ حَاسَّةٍ) أَيْ: الْقُوَّةِ الْحَسَّاسَةِ يُقَالُ حَسَّ وَأَحَسَّ: أَيْ: عَلِمَ وَأَيْقَنَ، وَبِالْأَلِفِ أَفْصَحُ وَبِهَا جَاءَ الْقُرْآنُ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْحَوَاسُّ: الْمَشَاعِرُ الْخَمْسُ: السَّمْعُ وَالْبَصَرُ وَالشَّمُّ وَالذَّوْقُ وَاللَّمْسُ، فَقَوْلُهُ (مِنْ سَمْعٍ وَبَصَرٍ وَشَمٍّ وَذَوْقٍ) بَيَانُ الْحَاسَّةِ لِحَدِيثِ {وَفِي السَّمْعِ الدِّيَةُ} وَلِأَنَّ عُمَرَ " قَضَى فِي رَجُلٍ ضَرَبَ رَجُلًا فَذَهَبَ سَمْعُهُ وَبَصَرُهُ وَنِكَاحُهُ وَعَقْلُهُ بِأَرْبَعِ دِيَاتٍ وَالرَّجُلُ حَيٌّ " ذَكَرَهُ أَحْمَدُ وَلَا يُعْرَفُ لَهُ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ؛ وَلِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا يَخْتَصُّ بِنَفْعٍ أَشْبَهَ السَّمْعَ. (وَ) تَجِبُ كَامِلَةً (فِي) إذْهَابِ (كَلَامٍ) كَأَنْ جَنَى عَلَيْهِ فَتَخَرَّسَ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا تَعَلَّقَتْ الدِّيَةُ بِإِتْلَافِهِ تَعَلَّقَتْ بِإِتْلَافِ مَنْفَعَتِهِ كَالْيَدِ. (وَ) تَجِبُ كَامِلَةً فِي (عَقْلٍ) قَالَ بَعْضُهُمْ بِالْإِجْمَاعِ لِمَا فِي كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ. وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَزَيْدٍ، وَلِأَنَّهُ أَكْبَرُ الْمَعَانِي قَدْرًا وَأَعْظَمُهَا نَفْعًا إذْ بِهِ يَتَمَيَّزُ الْإِنْسَانُ عَنْ الْبَهَائِمِ، وَبِهِ يَهْتَدِي لِلْمَصَالِحِ وَيَدْخُلُ فِي التَّكْلِيفِ وَهُوَ شَرْطٌ لِلْوِلَايَاتِ وَصِحَّةِ التَّصَرُّفَاتِ وَأَدَاءِ الْعِبَادَاتِ. (وَ) تَجِبُ كَامِلَةً فِي (حَدَبٍ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَتَيْنِ مَصْدَرُ حَدَبَ بِكَسْرِ الدَّالِ. إذَا صَارَ أَحْدَبَ؛ لِذَهَابِ الْجَمَالِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ انْتِصَابَ الْقَامَةِ مِنْ الْكَمَالِ وَالْجَمَالِ، وَبِهِ شَرُفَ الْآدَمِيُّ عَلَى سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ. (وَ) تَجِبُ كَامِلَةً فِي (صَعَرٍ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَتَيْنِ (بِأَنْ يُضْرَبَ فَيَصِيرُ وَجْهُهُ) أَيْ: الْمَضْرُوبِ (فِي جَانِبٍ) نَصًّا. وَأَصْلُ الصَّعَرِ دَاءٌ يَأْخُذُ الْبَعِيرَ فِي عُنُقِهِ فَيَلْتَوِي مِنْهُ عُنُقُهُ، قَالَ تَعَالَى: (وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ) أَيْ: لَا تُعْرِضْ عَنْهُمْ بِوَجْهِك تَكَبُّرًا. (وَ) تَجِبُ كَامِلَةً (فِي تَسْوِيدِهِ) أَيْ الْوَجْهِ. بِأَنْ ضَرَبَهُ فَاسْوَدَّ (وَلَمْ يَزُلْ) سَوَادُهُ لِأَنَّهُ فَوَّتَ الْجَمَالَ عَلَى الْكَمَالِ فَضَمِنَهُ بِدِيَتِهِ كَقَطْعِ أُذُنَيْ الْأَصَمِّ، وَإِنْ صَارَ الْوَجْهُ أَحْمَرَ أَوْ أَصْفَرَ فَحُكُومَةٌ، كَمَا لَوْ سَوَّدَ بَعْضَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْهَبْ الْجَمَالُ عَلَى الْكَمَالِ. (وَ) تَجِبُ كَامِلَةً فِي (صَيْرُورَتِهِ) أَيْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (لَا يَسْتَمْسِكُ غَائِطًا أَوْ) لَا يَسْتَمْسِكُ (بَوْلًا) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَنْفَعَةٌ كَبِيرَةٌ لَيْسَ فِي الْبَدَنِ مِثْلُهَا أَشْبَهَ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ فَإِنْ فَاتَتْ الْمَنْفَعَتَانِ وَلَوْ بِجِنَايَةٍ وَاحِدَةٍ فَدِيَتَانِ. (وَ) تَجِبُ كَامِلَةً فِي (مَنْفَعَةِ مَشْيٍ) لِأَنَّهُ نَفْعٌ مَقْصُودٌ أَشْبَهَ الْكَلَامَ. (وَ) تَجِبُ كَامِلَةً فِي مَنْفَعَةِ (نِكَاحٍ) كَأَنْ كُسِرَ صُلْبُهُ فَذَهَبَ نِكَاحُهُ. رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ؛ لِأَنَّهُ نَفْعٌ مَقْصُودٌ أَشْبَهَ الْمَشْيَ. (وَ) تَجِبُ كَامِلَةً فِي مَنْفَعَةِ (أَكْلٍ) لِأَنَّهُ نَفْعٌ مَقْصُودٌ أَشْبَهَ الشَّمَّ. (وَ) تَجِبُ كَامِلَةً فِي ذَهَابِ مَنْفَعَةِ (صَوْتٍ وَ) فِي مَنْفَعَةِ (بَطْشٍ) لِأَنَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا نَفْعًا مَقْصُودًا. (وَ) تَجِبُ (فِي) ذَهَابِ (بَعْضٍ يُعْلَمُ) قَدْرُهُ مِمَّا تَقَدَّمَ مِنْ الْمَنَافِعِ (بِقَدْرِهِ) أَيْ: الذَّاهِبِ؛ لِأَنَّ مَا وَجَبَ فِي جَمِيعِ الشَّيْءِ وَجَبَ فِي بَعْضِهِ بِقَدْرِهِ (كَأَنْ) جُنِيَ عَلَيْهِ فَصَارَ (يُجَنُّ يَوْمًا وَيُفِيقُ) يَوْمًا (آخَرَ أَوْ يَذْهَبُ ضَوْءُ عَيْنٍ) وَاحِدَةٍ (أَوْ) يَذْهَبُ (شَمُّ مَنْخَرٍ) وَاحِدٍ (أَوْ) يَذْهَبُ (سَمْعُ أُذُنٍ) وَاحِدَةٍ (أَوْ) يَذْهَبُ (أَحَدُ الْمَذَاقِ الْخَمْسِ وَهِيَ: الْحَلَاوَةُ وَالْمَرَارَةُ وَالْعُذُوبَةُ وَالْمُلُوحَةِ وَالْحُمُوضَةِ) لِأَنَّ الذَّوْقَ حَاسَّةٌ تُشْبِهُ الشَّمَّ (وَفِي كُلِّ وَاحِدَةٍ) مِنْ الْمَذَاقِ الْخَمْسِ (خُمْسُ الدِّيَةِ) وَفِي اثْنَتَيْنِ مِنْهَا خُمُسَاهُ وَهَكَذَا. (وَ) يَجِبُ (فِي) إذْهَابِ (بَعْضِ الْكَلَامِ بِحِسَابِهِ) مِنْ الدِّيَةِ (وَيُقَسَّمُ) الْكَلَامُ (عَلَى ثَمَانِيَةٍ وَعِشْرِينَ حَرْفًا) جَعْلًا لِلْأَلِفِ الْمُتَحَرِّكَةِ وَاللَّيِّنَةِ حَرْفًا وَاحِدًا لِتَقَارُبِ مَخْرَجِهِمَا وَانْقِلَابِ إحْدَاهُمَا إلَى الْأُخْرَى. فَفِي نَقْصِ حَرْفٍ مِنْهَا رُبْعُ سُبْعِ الدِّيَةِ، وَفِي حَرْفَيْنِ نِصْفُ سُبْعِهَا، وَفِي أَرْبَعَةٍ سُبْعُهَا وَهَكَذَا وَسَوَاءٌ مَا خَفَّ عَلَى اللِّسَانِ أَوْ ثَقُلَ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا فِيهِ مُقَدَّرٌ لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ قَدْرِهِ كَالْأَصَابِعِ. (وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ قَدْرُهُ) أَيْ الْبَعْضِ الذَّاهِبِ (كَنَقْصِ سَمْعٍ وَبَصَرٍ وَشَمٍّ وَمَشْيٍ وَانْحِنَاءٍ قَلِيلًا أَوْ بِأَنْ صَارَ) مَجْنِيٌّ عَلَيْهِ (مَدْهُوشًا أَوْ) صَارَ (فِي كَلَامِهِ تَمْتَمَةٌ) بِأَنْ صَارَ تَمْتَامًا يُكَرِّرُ التَّاءَ أَوْ فَأْفَاءً يُكَرِّرُ الْفَاءَ وَنَحْوَهُ (أَوْ) صَارَ فِي كَلَامِهِ (عَجَلَةٌ أَوْ ثَقُلَ أَوْ) صَارَ لَا يَلْتَفِتُ إلَّا بِشِدَّةٍ (أَوْ) صَارَ لَا (يَبْلَعُ رِيقَهُ إلَّا بِشِدَّةٍ أَوْ اسْوَدَّ) بِجِنَايَةٍ عَلَيْهِ (بَيَاضُ عَيْنَيْهِ أَوْ احْمَرَّ أَوْ تَقَلَّصَتْ شَفَتُهُ بَعْضَ التَّقَلُّصِ أَوْ تَحَرَّكَتْ سِنُّهُ أَوْ احْمَرَّتْ أَوْ اصْفَرَّتْ أَوْ اخْضَرَّتْ أَوْ كَلَّتْ) أَيْ: ذَهَبَتْ حِدَّتُهَا بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ عَضُّ شَيْءٍ بِهَا فَعَلَيْهِ (حُكُومَةٌ) لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَقْدِيرُ ذَلِكَ فَوَجَبَ مَا تُخْرِجُهُ الْحُكُومَةُ. (وَمَنْ صَارَ أَلْثَغَ) بِجِنَايَةٍ عَلَيْهِ (فَلَهُ) عَلَى جَانٍ (دِيَةُ الْحَرْفِ الذَّاهِبِ) لِإِتْلَافِهِ إيَّاهُ وَلَوْ صَارَ يُبَدِّلُ حَرْفًا بِآخَرَ بِأَنْ كَانَ يَقُولُ: دِرْهَمٌ فَصَارَ يَقُولُ: دِلْهَمٌ أَوْ دِنْهَمٌ، لِأَنَّ الْبَدَلَ لَا يَقُومُ مَقَامَ الذَّاهِبِ فِي الْقِرَاءَةِ وَلَا غَيْرِهَا فَإِنْ جَنَى عَلَيْهِ فَذَهَبَ الْبَدَلُ أَيْضًا وَجَبَتْ دِيَتُهُ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ. (وَلَوْ أَذْهَبَ كَلَامَ أَلْثَغَ) قَبْلَ جِنَايَتِهِ عَلَيْهِ (فَإِنْ كَانَ مَأْيُوسًا مِنْ ذَهَابِ لُثْغَتِهِ فَفِيهِ بِقِسْطِ مَا ذَهَبَ مِنْ الْحُرُوفِ) لِأَنَّهُ أَتْلَفَهُ بِجِنَايَتِهِ عَلَيْهِ (وَإِلَّا) يَكُنْ مَأْيُوسًا مِنْ ذَهَابِ لُثْغَتِهِ (كَصَغِيرٍ فَ) عَلَيْهِ (الدِّيَةُ) كَامِلَةً لِأَنَّ الظَّاهِرَ زَوَالُهَا، وَكَذَا كَبِيرٌ يُمْكِنُ زَوَالُ لُثْغَتِهِ بِالتَّعْلِيمِ. (وَإِنْ قُطِعَ بَعْضُ اللِّسَانِ فَذَهَبَ بَعْضُ الْكَلَامِ اُعْتُبِرَ أَكْثَرُهُمَا) لِأَنَّ كُلًّا مِنْ اللِّسَانِ وَالْكَلَامِ مَضْمُونٌ بِالدِّيَةِ لَوْ انْفَرَدَ إذْ لَوْ ذَهَبَ نِصْفُ اللِّسَانِ وَلَمْ يَذْهَبْ مِنْ الْكَلَامِ شَيْءٌ أَوْ ذَهَبَ نِصْفُ الْكَلَامِ وَلَمْ يَذْهَبْ مِنْ اللِّسَانِ شَيْءٌ وَجَبَ نِصْفُ الدِّيَةِ. (فَعَلَى مَنْ قَطَعَ رُبْعَ اللِّسَانِ فَذَهَبَ نِصْفُ الْكَلَامِ نِصْفُ الدِّيَةِ)؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ عَلَيْهِ بِقَطْعِ رُبْعِ اللِّسَانِ رُبْعُ الدِّيَةِ وَبَقِيَ رُبْعُ الْكَلَامِ لَا مَتْبُوعَ لَهُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَيْضًا رُبْعُ الدِّيَةِ (وَعَلَى مَنْ قَطَعَ بَقِيَّتَهُ) أَيْ: اللِّسَانِ الذَّاهِبِ رُبْعُهُ مَعَ نِصْفِ الْكَلَامِ فَذَهَبَ بِقَطْعِهِ بَقِيَّةُ الْكَلَامِ (تَتِمَّتُهَا) أَيْ: الدِّيَةَ وَهُوَ نِصْفُهَا (مَعَ حُكُومَةٍ لِرُبْعِ اللِّسَانِ) الَّذِي لَا كَلَامَ فِيهِ لِأَنَّهُ أَشَلُّ. (وَلَوْ قَطَعَ) جَانٍ (نِصْفَهُ) أَيْ اللِّسَانِ (فَذَهَبَ) بِقَطْعِهِ (رُبْعُ الْكَلَامِ ثُمَّ) قَطَعَ (آخَرُ بَقِيَّتَهُ) أَيْ اللِّسَانِ فَذَهَبَ بَاقِي الْكَلَامِ (فَعَلَى) الْجَانِي (الْأَوَّلِ نِصْفُهَا) أَيْ: الدِّيَةِ لِقَطْعِهِ نِصْفَ اللِّسَانِ (وَعَلَى) الْجَانِي (الثَّانِي ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا) أَيْ: الدِّيَةِ؛ لِإِذْهَابِهِ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْكَلَامِ، كَمَا لَوْ أَذْهَبَ مَعَ بَقِيَّةِ اللِّسَانِ أَوْ مَا بَقِيَ مِنْهُ. (وَمَنْ قُطِعَ لِسَانُهُ فَذَهَبَ نُطْقُهُ وَذَوْقُهُ) فَدِيَةٌ (أَوْ كَانَ) مَنْ قُطِعَ لِسَانُهُ (أَخْرَسَ فَ) عَلَى قَاطِعَةِ (دِيَةٌ) وَاحِدَةٌ فِي اللِّسَانِ وَتَنْدَرِجُ فِيهِ مَنْفَعَتُهُ كَالْعَيْنَيْنِ (وَإِنْ ذَهَبَا) أَيْ: النُّطْقُ وَالذَّوْقُ بِجِنَايَةٍ (وَاللِّسَانُ بَاقٍ) فَدِيَتَانِ. (أَوْ انْكَسَرَ صُلْبُهُ فَذَهَبَ مَشْيُهُ وَنِكَاحُهُ فَدِيَتَاهُ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْمَنْفَعَتَيْنِ مُسْتَقِلَّةٌ بِنَفْسِهَا فَضُمِنَتْ بِدِيَةٍ كَامِلَةٍ كَمَا لَوْ انْفَرَدَتْ (وَإِنْ ذَهَبَ) بِكَسْرِ صُلْبِهِ (مَاؤُهُ) فَالدِّيَةُ (أَوْ) ذَهَبَ بِكَسْرِ صُلْبِهِ (إحْبَالُهُ) بِأَنَّ صَارَ مَنِيُّهُ لَا يُحْمَلُ مِنْهُ (فَالدِّيَةُ) ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَهُوَ مَعْنَى مَا فِي الرَّوْضَةِ: إنْ ذَهَبَ نَسْلُهُ فَالدِّيَةُ. (وَلَا يَدْخُلُ أَرْشُ جِنَايَةٍ أَذْهَبَتْ عَقْلَهُ فِي دِيَتِهِ) كَمَا لَوْ شَجَّهُ، فَذَهَبَ بِهَا عَقْلُهُ فَعَلَيْهِ دِيَةٌ لِلْعَقْلِ، وَأَرْشٌ لِلشَّجَّةِ لِأَنَّهُمَا شَيْئَانِ مُتَغَايِرَانِ أَشْبَهَ مَا لَوْ ضَرَبَهُ عَلَى رَأْسِهِ فَأَذْهَبَ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ. (وَيُقْبَلُ قَوْلُ مَجْنِيٍّ عَلَيْهِ فِي نَقْصِ بَصَرِهِ وَسَمْعِهِ) بِيَمِينِهِ. أَيْ: إنَّ سَمْعَهُ أَوْ بَصَرَهُ نَقَصَ، لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ، وَلَهُ حُكُومَةٌ، وَإِنْ ادَّعَى نَقْصَ إحْدَى عَيْنَيْهِ عُصِبَتْ الَّتِي ادَّعَى نَقْصَ ضَوْئِهَا وَأُطْلِقَتْ الْأُخْرَى وَنُصِبَ لَهُ شَخْصٌ وَيَتَبَاعَدُ عَنْهُ حَتَّى تَنْتَهِي رُؤْيَتُهُ فَيُعْلَمُ الْمَوْضِعُ، ثُمَّ تُشَدُّ الصَّحِيحَةُ وَتُطْلَقُ الْأُخْرَى. وَيُنْصَبُ لَهُ شَخْصٌ ثُمَّ يَذْهَبُ حَتَّى تَنْتَهِيَ رُؤْيَتُهُ فَيُعْلَمُ. ثُمَّ يُدَارُ الشَّخْصُ إلَى جَانِبٍ آخَرَ. وَيُصْنَعُ كَذَلِكَ. ثُمَّ يُعْلَمُ عِنْدَ الْمَسَافَتَيْنِ وَيُذَرَّعَانِ وَيُقَابَلُ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ اسْتَوَتَا فَقَدْ صَدَقَ وَلَهُ مِنْ الدِّيَةِ بِقَدْرِ مَا بَيْنَ الصَّحِيحَةِ وَالْعَلِيلَةِ مِنْ الرُّؤْيَةِ. وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْمَسَافَتَانِ فَقَدْ كَذَبَ. رَوَى ابْنُ الْمُنْذِرِ نَحْوَهُ عَنْ عُمَرَ. (وَ) يُقْبَلُ قَوْلُ مَجْنِيٍّ عَلَيْهِ (فِي قَدْرِ مَا أَتْلَفَ كُلٌّ مِنْ جَانِبَيْنِ فَأَكْثَرَ) لِاتِّفَاقِ الْجَانِبَيْنِ عَلَى الْإِتْلَافِ فِي الْجُمْلَةِ. وَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ أَعْلَمُ بِقَدْرِ مَا أَتْلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا، وَغَيْرُ مُتَّهَمٍ فِي الْإِخْبَارِ بِهِ، وَلَيْسَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مُدَّعِيًا، وَلَا مُنْكِرًا، فَهُوَ كَالشَّاهِدِ بَيْنَهُمَا. (وَإِنْ اخْتَلَفَا) أَيْ الْجَانِي وَالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (فِي ذَهَابِ بَصَرِ) مَجْنِيٍّ عَلَيْهِ بِفِعْلِ جَانٍ (أَرَى) مَجْنِيٌّ عَلَيْهِ (أَهْلَ الْخِبْرَةِ) بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ أَدْرَى بِهِ (وَامْتُحِنَ بِتَقْرِيبِ شَيْءٍ إلَى عَيْنَيْهِ وَقْتَ غَفْلَتِهِ) فَإِنْ حَرَّكَهُمَا فَهُوَ يُبْصِرُ، لِأَنَّ طَبْعَ الْآدَمِيِّ الْحَذَرِ عَلَى عَيْنَيْهِ وَإِنْ بَقِيَتَا بِحَالِهِمَا دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُبْصِرُ. (وَ) إنْ اخْتَلَفَ جَانٍ وَمَجْنِيٌّ عَلَيْهِ (فِي ذَهَابِ سَمْعٍ أَوْ شَمٍّ أَوْ ذَوْقٍ صِيحَ بِهِ) أَيْ: الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إنْ اخْتَلَفَا (فِي) ذَهَابِ سَمْعِهِ وَقْتَ (غَفْلَتِهِ وَأُتْبِعَ بِمُنْتِنٍ) إنْ اخْتَلَفَا فِي ذَهَابِ شَمِّهِ (وَأُطْعِمَ) الشَّيْءَ (الْمُرَّ) إنْ اخْتَلَفَا فِي ذَهَابِ ذَوْقِهِ (فَإِنْ فَزَعَ مِنْ الصَّائِحِ أَوْ مِنْ مُقَرَّبٍ لِعَيْنَيْهِ أَوْ عَبَسَ لِلْمُنْتِنِ أَوْ الْمُرِّ سَقَطَتْ دَعْوَاهُ) لِتَبَيُّنِ كَذِبِهِ (وَأَلَّا) يَفْزَعَ مِنْ صَائِحٍ وَلَا مُقَرِّبٍ لِعَيْنَيْهِ، وَلَا عَبَسَ لِمُنْتِنٍ (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ صِحَّةُ دَعْوَاهُ (وَيَرُدُّ الدِّيَةَ آخِذٌ) لَهَا (عُلِمَ كَذِبُهُ) لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ قَبَضَهَا بِغَيْرِ حَقٍّ.
وَفِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشُّعُورِ الْأَرْبَعَةِ الدِّيَةُ كَامِلَةً (وَهِيَ شَعْرُ رَأْسٍ وَ) شَعْرُ (لِحْيَةٍ وَ) شَعْرُ (حَاجِبَيْنِ وَ) شَعْرُ (أَهْدَابِ عَيْنَيْنِ). وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: فِي الشَّعْرِ الدِّيَةُ، وَلِأَنَّهُ إذْهَابُ الْجَمَالِ عَلَى الْكَمَالِ كَأُذُنَيْ الْأَصَمِّ وَأَنْفِ الْأَخْشَمِ بِخِلَافِ الْيَدِ الشَّلَّاءِ فَلَيْسَ جَمَالُهَا كَامِلًا. (وَفِي حَاجِبٍ نِصْفُ) دِيَةٍ لِأَنَّ فِيهِ مِنْهُ شَيْئَيْنِ (وَفِي هُدْبٍ رُبْعُ) دِيَةٍ لِأَنَّ فِيهِ مِنْهُ أَرْبَعَةً. (وَفِي بَعْضِ كُلٍّ) مِنْ الشُّعُورِ الْأَرْبَعَةِ (بِقِسْطِهِ) مِنْ الدِّيَةِ بِقَدْرِ الْمِسَاحَةِ كَالْأُذُنَيْنِ. وَسَوَاءٌ كَانَتْ هَذِهِ الشُّعُورُ كَثِيفَةً أَوْ خَفِيفَةً، جَمِيلَةً أَوْ قَبِيحَةً مِنْ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ كَسَائِرِ مَا فِيهِ دِيَةٌ مِنْ الْأَعْضَاءِ. (وَفِي) شَعْرِ (شَارِبٍ حُكُومَةٌ) نَصًّا (وَمَا عَادَ) مِنْ شَعْرٍ (سَقَطَ مَا فِيهِ) مِنْ دِيَةٍ أَوْ بَعْضِهَا، أَوْ حُكُومَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي سِنَّةٍ وَنَحْوِهَا إذَا عَادَتْ. وَإِنْ عَادَ بَعْدَ أَخْذِ مَا فِيهِ رَدَّهُ، وَإِنْ رَجَا عَوْدَهُ انْتَظَرَ مَا يَقُولُ أَهْلُ الْخِبْرَةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ تَفْصِيلُهُ. (وَمَنْ) أَزَالَ وَاحِدًا مِنْ الشُّعُورِ الْأَرْبَعَةِ و(تَرَكَ مِنْ لِحْيَةٍ أَوْ غَيْرِهَا) مِنْهُ مَا لَا جَمَالَ فِيهِ أَيْ الْمَتْرُوكِ (فَ) عَلَيْهِ (دِيَتُهُ كَامِلَةٌ) لِإِذْهَابِهِ الْمَقْصُودَ مِنْهُ كُلَّهُ، كَمَا لَوْ أَذْهَبَ ضَوْءَ عَيْنَيْهِ، وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا احْتَاجَ بِجِنَايَتِهِ لِإِذْهَابِ الْبَاقِي لِزِيَادَتِهِ فِي الْقُبْحِ. وَلَا قِصَاصَ فِي هَذِهِ الشُّعُورِ، لِأَنَّ إتْلَافَهَا إنَّمَا يَكُونُ بِالْجِنَايَةِ عَلَى مَحَلِّهَا، وَهُوَ غَيْرُ مَعْلُومِ الْمِقْدَارِ، وَلَا تُمْكِنُ الْمُسَاوَاةُ فِيهِ. (وَإِنْ قَلَعَ جَفْنًا بِهُدْبِهِ فَدِيَةُ الْجَفْنِ فَقَطْ) لِتَبَعِيَّةِ الشَّعْرِ لَهُ فِي الزَّوَالِ كَالْأَصَابِعِ مَعَ الْكَفِّ. (وَإِنْ قَطَعَ لَحْيَيْنِ بِأَسْنَانِهِمَا فَ) عَلَيْهِ (دِيَةُ الْكُلِّ) مِنْ اللَّحْيَيْنِ وَالْأَسْنَانِ، فَلَا تَدْخُلُ دِيَةُ الْأَسْنَانِ فِي دِيَةِ اللَّحْيَيْنِ لِأَنَّ الْأَسْنَانَ لَيْسَتْ مُتَّصِلَةً بِاللَّحْيَيْنِ بَلْ مَغْرُوزَةً فِيهِمَا، وَكُلٌّ مِنْ اللَّحْيَيْنِ وَالْأَسْنَانِ يَنْفَرِدُ بِاسْمِهِ عَلَى الْآخَرِ. وَاللَّحْيَانِ يُوجَدَانِ قَبْلَ الْأَسْنَانِ وَيَبْقَيَانِ بَعْدَ قَلْعِهِمَا بِخِلَافِ الْكَفِّ مَعَ الْأَصَابِعِ. (وَإِنْ قَطَعَ كَفًّا بِأَصَابِعِهِ لَمْ تَجِبْ غَيْرُ دِيَةِ يَدٍ) لِدُخُولِ الْكُلِّ فِي مُسَمَّى الْيَدِ كَقَطْعِ ذَكَرٍ بِحَشَفَتِهِ (وَإِنْ كَانَ بِهِ) أَيْ: الْكَفِّ (بَعْضُهَا) أَيْ: الْأَصَابِعِ (دَخَلَ فِي دِيَةِ الْأَصَابِعِ مَا حَاذَاهَا) مِنْ الْكَفِّ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ سَالِمَةً كُلُّهَا لَدَخَلَ أَرْشُ الْكَفِّ كُلَّهُ فِي دِيَتِهَا (وَعَلَيْهِ) أَيْ الْجَانِي (أَرْشُ بَقِيَّةُ الْكَفِّ) الَّتِي لَمْ تُحَاذِ الْأَصَابِعَ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَا يَدْخُلُ فِي دِيَتِهِ فَوَجَبَ أَرْشُهُ كَمَا لَوْ كَانَتْ الْأَصَابِعُ كُلُّهَا مَقْطُوعَةً. (وَفِي كَفٍّ بِلَا أَصَابِعَ) ثُلُثُ دِيَتِهِ. (وَ) فِي (ذِرَاعٍ بِلَا كَفٍّ) ثُلُثُ دِيَتِهِ. (وَ) فِي (عَضُدٍ بِلَا ذِرَاعٍ ثُلُثُ دِيَتِهِ) أَيْ: الْكَفِّ بِمَعْنَى الْيَدِ شَبَّهَهُ أَحْمَدُ بِعَيْنٍ قَائِمَةٍ (وَكَذَا تَفْصِيلِيُّ رِجْلٍ) وَمُقْتَضَى تَشْبِيهِ الْإِمَامِ بِالْعَيْنِ الْقَائِمَةِ أَنَّ فِي ذَلِكَ حُكُومَةً، وَمَشَى عَلَيْهِ فِي الْإِقْنَاعِ وَقَالَ فِي حَاشِيَةِ التَّنْقِيحِ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ. (وَفِي عَيْنِ أَعْوَرَ دِيَةٌ كَامِلَةٌ) قَضَى بِهِ عُمَرُ وَابْنُهُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَلَا يُعْلَمُ لَهُمْ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَلِأَنَّهُ أَذْهَبَ الْبَصَرَ كُلَّهُ فَوَجَبَ عَلَيْهِ جَمِيعُ دِيَتِهِ كَمَا لَوْ أَذْهَبَهُ مِنْ الْعَيْنَيْنِ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِعَيْنِ الْأَعْوَرِ مَا يَحْصُلُ بِعَيْنَيْ الصَّحِيحِ لِرُؤْيَتِهِ الْأَشْيَاءَ الْبَعِيدَةَ وَإِدْرَاكِهِ الْأَشْيَاءَ اللَّطِيفَةَ، وَعَمَلُهُ عَمَلُ الْبَصِيرِ (وَإِنْ قَلَعَهَا) أَيْ عَيْنَ الْأَعْوَرِ (صَحِيحُ) الْعَيْنَيْنِ (أُقِيدَ) أَيْ: قُلِعَتْ عَيْنُهُ (بِشَرْطِهِ) السَّابِقِ لِمَا تَقَدَّمَ (وَعَلَيْهِ) أَيْ: الصَّحِيحِ (مَعَهُ) أَيْ: الْقَوَدِ فِي نَظِيرَتِهَا (نِصْفُ الدِّيَةِ) لِأَنَّهُ أَذْهَبَ بَصَرَ الْأَعْوَرِ كُلَّهُ وَلَا يُمْكِنُ إذْهَابُ بَصَرِهِ كُلِّهِ لِمَا فِيهِ مِنْ أَخْذِ عَيْنَيْنِ بِعَيْنٍ وَاحِدَةٍ وَقَدْ اسْتَوْفَى نِصْفَ الْبَصَرِ تَبَعًا لِعَيْنِهِ بِالْقَوَدِ وَبَقِيَ النِّصْفُ الَّذِي لَا يُمْكِنُ الْقِصَاصُ فِيهِ فَوَجَبَتْ دِيَتُهُ. (وَإِنْ قَلَعَ الْأَعْوَرُ مَا يُمَاثِلُ صَحِيحَتَهُ) أَيْ عَيْنَهُ الصَّحِيحَةَ (مِنْ) شَخْصٍ (صَحِيحِ) الْعَيْنَيْنِ (عَمْدًا فَ) عَلَى الْأَعْوَرِ (دِيَةٌ كَامِلَةٌ وَلَا قَوَدَ) عَلَيْهِ فِي قَوْلِ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَلَا يُعْرَفُ لَهُمَا مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ لِأَنَّ الْقِصَاصَ يُفْضِي إلَى اسْتِيفَاءِ جَمِيعِ الْبَصَرِ وَهُوَ إنَّمَا أَذْهَبَ بَعْضَ بَصَرِ الصَّحِيحِ فَلَمَّا امْتَنَعَ الْقِصَاصُ وَجَبَتْ الدِّيَةُ كَامِلَةً لِئَلَّا تَذْهَبَ الْجِنَايَةُ مَجَّانًا وَكَانَتْ كَامِلَةً لِأَنَّهَا بَدَلُ الْقِصَاصِ السَّاقِطِ عَنْهُ رِفْقًا بِهِ وَلَوْ اُقْتُصَّ مِنْهُ ذَهَبَ مَا لَوْ ذَهَبَ بِالْجِنَايَةِ لَوَجَبَتْ فِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ. (وَ) إنْ قَلَعَ الْأَعْوَرُ مَا يُمَاثِلُ عَيْنَهُ الصَّحِيحَةَ (خَطَأً فَنِصْفُهَا) أَيْ: الدِّيَةِ كَمَا لَوْ قَلَعَهَا صَحِيحٌ وَكَذَا لَوْ قَلَعَ مَا لَا يُمَاثِلُ صَحِيحَتَهُ. (وَإِنْ قَلَعَ) الْأَعْوَرُ (عَيْنَيْ صَحِيحٍ عَمْدًا فَالْقَوَدُ أَوْ الدِّيَةُ فَقَطْ) لِأَنَّهُ أَخَذَ جَمِيعَ بَصَرِهِ بِبَصَرِهِ. (وَ) يَجِبُ (فِي يَدِ أَقْطَعَ أَوْ رِجْلِهِ) إنْ قُطِعَتْ يَدُهُ الْأُخْرَى أَوْ رِجْلُهُ الْأُخْرَى (وَلَوْ عَمْدًا أَوْ مَعَ ذَهَابِ) الْيَدِ أَوْ الرِّجْلِ (الْأُولَى هَدَرًا نِصْفُ دِيَتِهِ) أَيْ: الْأَقْطَعِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى أَوْ خُنْثَى مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا، حُرًّا أَوْ رَقِيقًا (كَبَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ) لِأَنَّ أَحَدَ هَذَيْنِ الْعُضْوَيْنِ لَا يَقُومُ مَقَامَهُمَا بِخِلَافِ عَيْنِ الْأَعْوَرِ (وَلَوْ قَطَعَ) الْأَقْطَعُ (يَدَ صَحِيحٍ) أَوْ رِجْلَهُ (أُقِيدَ بِشَرْطِهِ) السَّابِقِ لِوُجُودِ الْمُوجِبِ وَانْتِفَاءِ الْمَانِعِ.
أَيْ: بَيَانُ مَا يَجِبُ فِيهَا وَأَصْلُ الشَّجِّ الْقَطْعُ وَمِنْهُ شَجَجْت الْمَفَازَةَ، أَيْ: قَطَعْتهَا (الشَّجَّةُ) وَاحِدَةُ الشِّجَاجِ (جُرْحُ الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ) فَقَطْ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِقَطْعِهَا الْجِلْدَ وَفِي غَيْرِهِمَا يُسَمَّى جُرْحًا لَا شَجَّةً. (وَهِيَ) أَيْ: الشَّجَّةُ بِاعْتِبَارِ أَسْمَائِهَا الْمَنْقُولَةِ عَنْ الْعُرْفِ (عَشْرٌ) مُرَتَّبَةٌ (خَمْسٌ) مِنْهَا (فِيهَا حُكُومَةٌ) إحْدَاهَا (الْحَارِصَةُ) بِالْحَاءِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَتَيْنِ (الَّتِي تَحْرِصُ الْجِلْدَ، أَيْ: تَشُقُّهُ وَلَا تُدْمِيهِ)، أَيْ: تُسِيلُ دَمَهُ مِنْ الْحَرْصِ وَهُوَ الشَّقُّ وَمِنْهُ حَرَصَ الْقَصَّارُ الثَّوْبَ إذَا شَقَّهُ قَلِيلًا، وَيُقَالُ لِبَاطِنِ الْجِلْدِ الْحُرُصَاتِ فَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِوُصُولِ الشَّقِّ إلَيْهِ وَتُسَمَّى أَيْضًا الْقَاشِرَةُ وَالْقِشْرَةُ. قَالَ الْقَاضِي وَابْنُ هُبَيْرَةَ وَالْمَلْطَاءِ (ثُمَّ) يَلِيهَا (الْبَاذِلَةُ: الدَّامِيَةُ الدَّامِعَةُ) بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ (الَّتِي تُدْمِيهِ) أَيْ: الْجِلْدَ يُقَالُ: بَذَلَ الشَّيْءَ، إذَا سَالَ، وَسُمِّيَتْ دَامِعَةً لِقِلَّةِ سَيَلَانِ الدَّمِ مِنْهَا تَشْبِيهًا لَهُ بِخُرُوجِ الدَّمْعِ مِنْ الْعَيْنِ (ثُمَّ) يَلِيهَا (الْبَاضِعَةُ) أَيْ (الَّتِي تُبْضِعُ اللَّحْمَ) أَيْ: تَشُقُّهُ بَعْدَ الْجِلْدِ وَمِنْهُ الْبُضْعُ (ثُمَّ) يَلِيهَا (الْمُتَلَاحِمَةُ) أَيْ: (الْغَائِصَةُ فِيهِ) أَيْ: اللَّحْمِ مُشْتَقَّةٌ مِنْ اللَّحْمِ لِغَوْصِهَا فِيهِ (ثُمَّ) يَلِيهَا (السِّمْحَاقُ الَّتِي بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَظْمِ قِشْرَةٌ) رَقِيقَةٌ تُسَمَّى السِّمْحَاقَ سُمِّيَتْ الْجِرَاحَةُ الْوَاصِلَةُ إلَيْهَا بِهَا. فَفِي كُلٍّ مِنْ هَذِهِ الْخَمْسِ حُكُومَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا تَوْفِيقَ فِيهَا مِنْ الشَّرْعِ وَلَا قِيَاسَ يَقْتَضِيهِ. وَعَنْ مَكْحُولٍ قَالَ {قَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمُوضِحَةِ بِخَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ وَلَمْ يَقْضِ فِيمَا دُونَهَا}، (وَخَمْسٌ) مِنْ الشِّجَاجِ (فِيهَا مُقَدَّرٌ) أَوَّلُهَا (الْمُوضِحَةُ). وَهِيَ (الَّتِي تُوضِحُ الْعَظْمَ أَيْ: تُبْرِزُهُ وَلَوْ بِقَدْرِ) رَأْسِ (إبْرَةٍ) فَلَا يُشْتَرَطُ وُضُوحُهُ لِلنَّاظِرِ، وَالْوَضَحُ: الْبَيَاضُ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا أَبْدَتْ بَيَاضَ الْعَظْمِ (وَفِيهَا نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ) أَيْ: دِيَةِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ (فَمِنْ حُرٍّ خَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ) لِمَا فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ {وَفِي الْمُوضِحَةِ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ} وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا {فِي الْمَوَاضِحِ خَمْسٌ خَمْسٌ} رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَسَوَاءٌ كَانَتْ فِي الرَّأْسِ أَوْ الْوَجْهِ لِعُمُومِ الْأَحَادِيثِ. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ (وَهِيَ إنْ عَمَّتْ رَأْسًا) أَوْ لَمْ تَعُمَّهُ (وَنَزَلَتْ إلَى الْوَجْهِ مُوضِحَتَانِ)؛ لِأَنَّهُ أَوْضَحَهُ فِي عُضْوَيْنِ فَلِكُلٍّ حُكْمُ نَفْسِهِ (وَإِنْ أَوْضَحَهُ) مُوضِحَتَيْنِ (ثِنْتَيْنِ بَيْنَهُمَا حَاجِزٌ فَ) عَلَيْهِ (عَشَرَةُ) أَبْعِرَةٍ لِأَنَّهُمَا مُوضِحَتَانِ (وَإِنْ ذَهَبَ) الْحَاجِزُ (بِفِعْلِ جَانٍ أَوْ سِرَايَةٍ صَارَا) أَيْ: الْجُرْحَانِ مُوضِحَةً (وَاحِدَةً) كَمَا لَوْ أَوْضَحَ الْكُلَّ بِلَا حَاجِزٍ وَإِنْ انْدَمَلَتَا ثُمَّ أَزَالَ الْحَاجِزَ بَيْنَهُمَا فَعَلَيْهِ خَمْسَةَ عَشَرَ بَعِيرًا لِاسْتِقْرَارِ أَرْشِ الْأُولَيَيْنِ عَلَيْهِ بِانْدِمَالِهِمَا ثُمَّ لَزِمَهُ أَرْشُ الثَّالِثَةِ، وَإِنْ انْدَمَلَتْ إحْدَاهُمَا ثُمَّ زَالَ الْحَاجِزَ بِفِعْلِ جَانٍ أَوْ سِرَايَةِ الْأُخْرَى فَمُوضِحَتَانِ (وَإِنْ خَرَقَهُ) أَيْ: الْحَاجِزَ بَيْنَ الْمُوضِحَتَيْنِ (مَجْرُوحٌ) فَعَلَى جَانٍ مُوضِحَتَانِ (أَوْ) خَرَقَهُ (أَجْنَبِيٌّ) أَيْ: غَيْرُ الشَّاجِّ وَالْمَجْرُوحِ (فَ) لِلْمَشْجُوجِ أَرْشُ (ثَلَاثِ مَوَاضِحَ (عَلَى الْأَوَّلِ مِنْهَا ثِنْتَانِ) وَعَلَى الْآخَرِ وَاحِدَةٌ لِأَنَّ فِعْلَ إحْدَاهُمَا لَا يَنْبَنِي عَلَى فِعْلِ الْآخَرِ فَانْفَرَدَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِحُكْمِ جِنَايَتِهِ وَلَا يَسْقُطُ عَنْ الْأَوَّلِ شَيْءَ مِنْ أَرْشِ الْمُوضِحَتَيْنِ بِخَرْقِ الْمَشْجُوجِ أَوْ غَيْرِهِ لِأَنَّ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ بِجِنَايَتِهِ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ بِفِعْلِ غَيْرِهِ. (وَيُصَدَّقُ مَجْرُوحٌ بِيَمِينِهِ فِيمَنْ خَرَقَهُ عَلَى الْجَانِي) الْأَوَّلِ فَلَوْ قَالَ الْجَانِي خَرَقْت مَا بَيْنَهُمَا فَصَارَتَا وَاحِدَةً وَقَالَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بَلْ خَرَقَهُ غَيْرُك فَعَلَيْك الْمُوضِحَتَانِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ؛ لِوُجُوبِ سَبَبِ لُزُومِ الْمُوضِحَتَيْنِ وَالْجَانِي يَدَّعِي زَوَالَهُ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ و(لَا) يُقْبَلُ قَوْلُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (عَلَى الْأَجْنَبِيِّ) الْمُنْكِرِ إزَالَتَهُ بِلَا بَيِّنَةٍ لِعُمُومِ حَدِيثِ {الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ} (وَمِثْلُهُ) أَيْ: الْجَانِي مُوضِحَتَيْنِ بَيْنَهُمَا حَاجِزٌ إذَا خَرَقَ مَا بَيْنَهُمَا فَصَارَتَا وَاحِدَةً. و(مَنْ قَطَعَ ثَلَاثَ أَصَابِعَ حُرَّةٍ مُسْلِمَةٍ فَعَلَيْهِ ثَلَاثُونَ بَعِيرًا إنْ لَمْ يَقْطَعْ غَيْرَهَا فَلَوْ قَطَعَ) الْجَانِي أُصْبُعًا (رَابِعَةً قَبْلَ بُرْءِ) الثَّلَاثِ (رُدَّتْ) الْمَرْأَةُ (إلَى عِشْرِينَ) بَعِيرًا لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمَرْأَةَ تُسَاوِي الذَّكَرَ فِيمَا دُونَ الثُّلُثِ وَعَلَى النِّصْفِ مِنْهُ فِي الثُّلُثِ فَمَا زَادَ عَلَيْهِ (فَإِنْ اخْتَلَفَا) أَيْ: قَاطِعُ أَصَابِعِهَا وَهِيَ (فِي قَاطِعِهَا) أَيْ: الْأُصْبُعِ الرَّابِعَةِ، بِأَنْ قَالَ الْجَانِي أَنَا قَطَعْتهَا فَلَا يَلْزَمُنِي إلَّا عِشْرُونَ بَعِيرًا، وَقَالَتْ هِيَ بَلْ قَطَعَهَا غَيْرُك فَيَلْزَمُك ثَلَاثُونَ بَعِيرًا (صُدِّقَتْ) بِيَمِينِهَا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يَدَّعِي زَوَالَ مَا وُجِدَ مِنْ سَبَبِ أَرْشِ الثَّلَاثِ وَهِيَ تُنْكِرُهُ وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ. (وَإِنْ خَرَقَ جَانٍ بَيْنَ مُوضِحَتَيْنِ بَاطِنًا) فَقَطْ (أَوْ) بَاطِنًا (مَعَ ظَاهِرٍ فَ) قَدْ صَارَتَا (وَاحِدَةً) لِاتِّصَالِهِمَا بَاطِنًا (وَإِنْ) خُرِقَ مَا بَيْنَهُمَا (ظَاهِرًا فَقَطْ فَ) هُمَا (ثِنْتَانِ) لِعَدَمِ اتِّصَالِهِمَا بَاطِنًا. (ثُمَّ) يَلِي الْمُوضِحَةَ (الْهَاشِمَةُ) أَيْ: (الَّتِي تُوضِحُ الْعَظْمَ) أَيْ: تُبْرِزُهُ (وَتُهَشِّمُهُ) أَيْ تَكْسِرُهُ (وَفِيهَا عَشَرَةُ أَبْعِرَةٍ) رُوِيَ عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَلَا يُعْرَفُ لَهُ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَقَوْلُ الصَّحَابِيِّ مَا يُخَالِفُ الْقِيَاسَ تَوْقِيفٌ، فَإِنْ هَشَّمَهُ هَاشِمَتَيْنِ بَيْنَهُمَا حَاجِزٌ فَفِيهِمَا عِشْرُونَ بَعِيرًا، فَإِنْ زَالَ الْحَاجِزُ فَعَلَى مَا تَقَدَّمَ تَفْصِيلُهُ وَالْهَاشِمَةُ الصَّغِيرَةُ كَالْكَبِيرَةِ. (ثُمَّ) يَلِيهَا (الْمُنَقِّلَةُ) وَهِيَ (الَّتِي تُوضِحُ) الْعَظْمَ (وَتُهَشِّمُ) الْعَظْمَ (وَتُنَقِّلُ الْعَظْمَ، وَفِيهَا خَمْسَةَ عَشَرَ بَعِيرًا) حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ إجْمَاعَ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَفِي كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ {وَفِي الْمُنَقِّلَةِ خَمْسَ عَشَرَةَ مِنْ الْإِبِلِ فَإِنْ كَانَتَا مُنَقِّلَتَيْنِ فَعَلَى مَا سَبَقَ}. (ثُمَّ) يَلِيهَا (الْمَأْمُومَةُ الَّتِي تَصِلُ إلَى جِلْدَةِ الدَّمِ وَتُسَمَّى الْآمَّةَ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَهْلُ الْعِرَاقِ يَقُولُونَ لَهَا: الْآمَّةُ، وَأَهْلُ الْحِجَازِ: الْمَأْمُومَةُ (وَ) تُسَمَّى أَيْضًا (أُمَّ الدِّمَاغِ) لِوُصُولِهَا إلَى الْجِلْدَةِ الَّتِي تُحَوِّطُ بِالدِّمَاغِ (ثُمَّ) يَلِيهَا (الدَّامِغَةُ) بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ (الَّتِي تَخْرِقُ الْجِلْدَةَ) أَيْ: جِلْدَةَ الدِّمَاغِ (وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ الْمَأْمُومَةِ وَالدَّامِغَةِ (ثُلُثُ الدِّيَةِ) لِمَا فِي كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ مَرْفُوعًا {وَفِي الْمَأْمُومَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ} وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا مِثْلُهُ، وَالدَّامِغَةُ أَوْلَى وَصَاحِبُهَا لَا يَسْلَمُ غَالِبًا. (وَإِنْ شَجَّهُ شَجَّةً بَعْضُهَا هَاشِمَةٌ) وَبَقِيَّتُهَا دُونَهَا (أَوْ) بَعْضُهَا (مُوضِحَةٌ) فَقَطْ (وَبَقِيَّتُهَا دُونَهَا فَ) عَلَيْهِ (دِيَةُ هَاشِمَةٍ) فَقَطْ إنْ كَانَ بَعْضُهَا هَاشِمَةً (أَوْ) دِيَةُ (مُوضِحَةٍ فَقَطْ) إنْ كَانَ بَعْضُهَا مُوضِحَةً؛ لِأَنَّهُ لَوْ هَشَّمَهُ كُلَّهُ أَوْ أَوْضَحَهُ كُلَّهُ لَمْ يَلْزَمْهُ فَوْقَ دِيَةِ الْهَاشِمَةِ أَوْ الْمُوضِحَةِ وَإِنْ أَوْضَحَهُ وَاحِدٌ ثُمَّ هَشَّمَهُ ثَانٍ ثُمَّ جَعَلَهَا ثَالِثٌ مُنَقِّلَةً ثُمَّ رَابِعٌ مَأْمُومَةً أَوْ دَامِغَةً، فَعَلَى الرَّابِعِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ بَعِيرًا وَثُلُثٌ وَعَلَى كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ قَبْلَهُ خَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ. (وَإِنْ هَشَّمَهُ بِمُثَقِّلٍ وَلَمْ يُوضِحْهُ) فَحُكُومَةٌ. (أَوْ طَعَنَهُ فِي خَدِّهِ فَوَصَلَ) الطَّعْنُ (إلَى فَمِهِ) فَحُكُومَةٌ. (أَوْ نَفَذَ) جَانٍ بِخَرْزِهِ (أَنْفًا أَوْ ذَكَرًا) فَحُكُومَةٌ. (أَوْ) نَفَذَ (جَفْنًا إلَى بَيْضَةِ الْعَيْنِ) فَحُكُومَةٌ. (أَوْ أَدْخَلَ) غَيْرَ زَوْجٍ (أُصْبُعَهُ فَرْجَ بِكْرٍ) فَحُكُومَةٌ. (أَوْ) أَدْخَلَ أُصْبُعَهُ (دَاخِلَ عَظْمِ فَخِذٍ) فَعَلَيْهِ (حُكُومَةٌ) لِأَنَّهُ لَا تَقْدِيرَ فِي ذَلِكَ.
لِمَا فِي كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ {وَفِي الْجَائِفَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ} (وَهِيَ مَا) أَيْ: جُرْحٌ (يَصِلُ إلَى بَاطِنِ جَوْفٍ) أَيْ مَا لَا يَظْهَرُ مِنْهُ لِلرَّائِي (كَ) دَاخِلِ (بَطْنٍ وَلَوْ لَمْ يَخْرِقْ مَعًا وَ) دَاخِلِ (ظَهْرٍ وَصَدْرٍ وَحَلْقٍ وَمَثَانَةٍ وَبَيْنَ خُصْيَتَيْنِ وَ) دَاخِلِ (دُبُرٍ وَإِنْ جَرَحَ جَانِبًا فَخَرَجَ) مَا جُرِحَ بِهِ (مِنْ) جَانِبٍ (آخَرَ فَجَائِفَتَانِ) نَصًّا لِمَا رَوَى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ أَنَّ رَجُلًا رَمَى رَجُلًا بِسَهْمٍ فَأَنْفَذَهُ فَقَضَى أَبُو بَكْرٍ بِثُلُثَيْ الدِّيَةِ خَرَّجَهُ سَعِيدٌ فِي سُنَنِهِ وَلَا يُعْرَفُ لَهُ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ فَهُوَ كَالْإِجْمَاعِ وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ عُمَرَ قَضَى فِي الْجَائِفَةِ إذَا نَفَذَتْ الْجَوْفَ بِأَرْشِ جَائِفَتَيْنِ وَلِأَنَّهُ أَنْفَذَهُ مِنْ مَوْضِعَيْنِ أَشْبَهَ مَا لَوْ أَنْفَذَهُ بِضَرْبَتَيْنِ وَلَوْ أَدْخَلَ شَخْصٌ يَدَهُ فِي جَائِفَةِ إنْسَانٍ فَخَرَقَ بَطْنَهُ مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ لَزِمَهُ أَرْشُ جَائِفَةٍ بِلَا خِلَافٍ. (وَإِنْ جَرَحَ وَرِكَهُ فَوَصَلَ) الْجُرْحُ (جَوْفَهُ أَوْ أَوْضَحَهُ فَوَصَلَ) الْإِيضَاحُ (قَفَاهُ فَ) عَلَى مَنْ جَرَحَ الْوَرِكَ فَوَصَلَ الْجَوْفَ (مَعَ دِيَةِ جَائِفَةٍ) حُكُومَةٌ (أَوْ) أَيْ: وَعَلَى مَنْ أَوْضَحَ شَخْصًا فَوَصَلَ قَفَاهُ مَعَ دِيَةِ (مُوضِحَةٍ حُكُومَةٌ بِجَرْحِ قَفَاهُ أَوْ) جَرْحِ (وَرِكِهِ) لِأَنَّ الْجَرْحَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْجَائِفَةِ وَفِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْمُوضِحَةِ فَانْفَرَدَ بِالضَّمَانِ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ جَائِفَةٌ أَوْ مُوضِحَةٌ (وَمَنْ وَسَّعَ فَقَطْ جَائِفَةً) أَجَافَهَا غَيْرُهُ (بَاطِنًا وَظَاهِرًا) فَعَلَيْهِ دِيَةُ جَائِفَةٍ لِأَنَّ فِعْلَهُ لَوْ انْفَرَدَ فَهُوَ جَائِفَةٌ فَلَا يَسْقُطُ حُكْمُهُ بِانْضِمَامِهِ إلَى غَيْرِهِ. (أَوْ فَتَقَ جَائِفَةٍ مُنْدَمِلَةً أَوْ) فَتَقَ (مُوضِحَةً نَبَتَ شَعْرُهَا فَ) عَلَيْهِ (جَائِفَةٌ) فِي الْأُولَى (مُوضِحَةٌ) فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّ الْجُرْحَ إذَا الْتَحَمَ صَارَ كَالصَّحِيحِ بِعَوْدِهِ إلَى حَالَتِهِ الْأُولَى فَكَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ تَقَدَّمَهُ جِنَايَةٌ أُخْرَى مُتَجَدِّدَةٌ (وَإِلَّا) يُوَسِّعْ بَاطِنَ الْجَائِفَةِ وَظَاهِرَهَا بَلْ وَسَّعَ أَحَدَهُمَا فَقَطْ أَوْ لَمْ تَكُنْ الْجَائِفَةُ مُنْدَمِلَةً أَوْ الْمُوضِحَةُ نَبَتَ شَعْرُهَا فَفَتَقَهَا فَعَلَيْهِ (حُكُومَةٌ) لِأَنَّ فِعْلَهُ لَيْسَ جَائِفَةً وَلَا مُوضِحَةً، وَلَا مُقَدَّرَ فِيهِ وَعَلَيْهِ أَيْضًا أُجْرَةُ الطَّبِيبِ وَثَمَنُ الْخَيْطِ وَإِنْ وَسَّعَ طَبِيبٌ جَائِفَةً بِإِذْنِ مَجْنِيٍّ عَلَيْهِ مُكَلَّفٍ أَوْ إذْنِ وَلِيِّ غَيْرِهِ لِمَصْلَحَةٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. (مَنْ وَطِئَ زَوْجَةً صَغِيرَةً) لَا يُوطَأ مِثْلُهَا (أَوْ) وَطِئَ زَوْجَةً (نَحِيفَةً لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا فَخَرَقَ) بِوَطْئِهِ (مَا بَيْنَ مَخْرَجِ بَوْلٍ وَ) مَخْرَجِ (مَنِيٍّ أَوْ) خَرَقَ بِوَطْئِهِ (مَا بَيْنَ السَّبِيلَيْنِ فَ) عَلَيْهِ (الدِّيَةُ) كَامِلَةً (إنْ لَمْ يَسْتَمْسِكْ بَوْلٌ) لِإِبْطَالِهِ نَفْعَ الْمَحَلِّ الَّذِي يَجْتَمِعُ فِيهِ الْبَوْلُ كَمَا لَوْ جَنَى عَلَى شَخْصٍ فَصَارَ لَا يَسْتَمْسِكُ الْغَائِطَ (وَإِلَّا) بِأَنْ اسْتَمْسَكَ الْبَوْلَ (فَ) عَلَيْهِ أَرْشُ (جَائِفَةٍ) ثُلُثُ الدِّيَةِ لِقَضَاءِ عُمَرَ فِي الْإِفْضَاءِ بِثُلُثِ الدِّيَةِ وَلَا يُعْرَفُ لَهُ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ (وَإِنْ كَانَتْ) الزَّوْجَةُ (مِمَّنْ يُوطَأُ مِثْلُهَا لِمِثْلِهِ أَوْ) كَانَتْ الْمَوْطُوءَةُ حُرَّةً (أَجْنَبِيَّةً) أَيْ غَيْرَ زَوْجَةِ وَاطِئٍ (كَبِيرَةً مُطَاوِعَةً وَلَا شُبْهَةَ) لِوَاطِئٍ فَوَطِئَهَا (فَوَقَعَ ذَلِكَ) أَيْ خَرَقَ مَا بَيْنَ السَّبِيلَيْنِ أَوْ مَا بَيْنَ مَخْرَجِ بَوْلٍ وَمَنِيٍّ (فَ) هُوَ (هَدَرٌ) لِحُصُولِهِ مِنْ فِعْلٍ مَأْذُونٍ فِيهِ كَأَرْشِ بَكَارَتِهَا وَمَهْرِ مِثْلِهَا، وَكَمَا لَوْ أَذِنَتْ فِي قَطْعِ يَدِهَا فَسَرَى الْقَطْعُ إلَى نَفْسِهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَذِنَتْ فِي وَطْئِهَا فَقَطَعَ يَدَهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَلَا مِنْ ضَرُورَتِهِ (وَلَهَا) أَيْ: الْمَوْطُوءَةِ (مَعَ شُبْهَةٍ أَوْ) مَعَ (إكْرَاهٍ الْمَهْرُ) لِاسْتِيفَائِهِ مَنْفَعَةَ الْبُضْعِ (وَ) لَهَا (الدِّيَةُ) كَامِلَةً (إنْ لَمْ يَسْتَمْسِكْ بَوْلٌ) لِأَنَّهَا إنَّمَا أَذِنَتْ فِي الْفِعْلِ مَعَ الشَّبَهِ لِاعْتِقَادِهَا أَنَّهُ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ فَإِذَا كَانَ غَيْرَهُ ثَبَتَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ وُجُوبًا كَمَنْ أَذِنَ فِي قَبْضِ دَيْنٍ ظَانًّا أَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ فَبَانَ غَيْرُهُ، وَأَمَّا مَعَ الْإِكْرَاهِ فَلِأَنَّهُ ظَالِمٌ مُتَعَدٍّ (وَإِلَّا) بِأَنْ اسْتَمْسَكَ بَوْلٌ مَعَ خَرْقِ مَا بَيْنَ السَّبِيلَيْنِ، أَوْ مَا بَيْنَ مَخْرَجِ بَوْلٍ وَمَنِيٍّ مَعَ وَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ إكْرَاهٍ فَعَلَيْهِ مَعَ الْمَهْرِ (ثُلُثُهَا) أَيْ: الدِّيَةِ لِجِنَايَةِ جَائِفَةٍ. لِقَضَاءِ عُمَرَ كَمَا تَقَدَّمَ. (وَيَجِبُ أَرْشُ بَكَارَةٍ) أَيْ حُكُومَةٍ (مَعَ فَتْقٍ بِغَيْرِ وَطْءٍ) لِعُدْوَانِهِ بِذَلِكَ الْفِعْلِ (وَإِنْ الْتَحَمَ مَا) أَيْ جُرِحَ (أَرْشُهُ مُقَدَّرٌ) كَجَائِفَةٍ وَمُوضِحَةٍ وَمَا فَوْقَهَا وَلَوْ عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ (لَمْ يَسْقُطْ) أَرْشُهُ لِعُمُومِ النُّصُوصِ.
وَفِي كَسْرِ ضِلْعٍ بِكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ اللَّامِ أَوْ إسْكَانِهَا (جُبِرَ مُسْتَقِيمًا) أَيْ: كَمَا كَانَ بِأَنْ لَمْ تَتَغَيَّرْ صِفَتُهُ (بَعِيرٌ وَكَذَا) أَيْ: كَالضِّلَعِ إذَا جُبِرَ مُسْتَقِيمًا (تَرْقُوَةٌ) بِفَتْحِ التَّاءِ جُبِرَتْ كَمَا كَانَتْ فَفِيهِمَا بَعِيرٌ نَصًّا وَفِي التَّرْقُوَتَيْنِ بَعِيرَانِ لِمَا رَوَى سَعِيدٌ بِسَنَدِهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي الضِّلَعِ جَمَلٌ وَفِي التَّرْقُوَةِ جَمَلٌ وَالتَّرْقُوَةُ الْعَظْمُ الْمُسْتَدِيرُ حَوْلَ الْعُنُقِ مِنْ ثَغْرَةِ النَّحْرِ إلَى الْكَتِفِ لِكُلِّ إنْسَانٍ تَرْقُوَتَانِ (وَإِلَّا) يُجْبَرْ الضِّلْعُ وَالتَّرْقُوَةُ مُسْتَقِيمَيْنِ (فَ) فِي كُلٍّ مِنْهُمَا (حُكُومَةٌ) وَتَأْتِي. (وَفِي كَسْرِ كُلِّ) عَظْمٍ (مِنْ زَنْدٍ) بِفَتْحِ الزَّايِ (وَ) مِنْ (عَضُدٍ وَفَخِذٍ وَسَاقٍ وَذِرَاعٍ وَهُوَ السَّاعِدُ الْجَامِعُ لِعَظْمَيْ الزَّنْدِ بَعِيرَانِ) نَصًّا. لِمَا رَوَى سَعِيدٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ كَتَبَ إلَى عُمَرَ فِي أَحَدِ الزَّنْدَيْنِ إذَا كُسِرَ فَكَتَبَ إلَيْهِ عُمَرُ أَنَّ فِيهِ بَعِيرَيْنِ، وَإِذَا كُسِرَ الزَّنْدَانِ فَفِيهِمَا أَرْبَعٌ مِنْ الْإِبِلِ وَمِثْلُهُ لَا يُقَالُ مِنْ قِبَلِ الرَّأْيِ وَلَا يُعْرَفُ لَهُ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَأُلْحِقَ بِالزَّنْدِ فِي ذَلِكَ بَاقِي الْعِظَامِ الْمَذْكُورَةِ لِأَنَّهَا مِثْلُهُ (وَفِيمَا عَدَا مَا ذُكِرَ مِنْ جُرْحٍ وَ) مِنْ (كَسْرِ عَظْمٍ كَ) كَسْرِ (خَرْزَةٍ صُلْبٍ وَ) كَسْرِ (عُصْعُصٍ) بِضَمِّ الْعَيْنَيْنِ وَقَدْ تُفْتَحُ الثَّانِيَةُ، أَيْ: عَجْبُ ذَنَبٍ. (وَ) كَسْرِ عَظْمِ (عَانَةٍ حُكُومَةٌ) لِأَنَّهُ لَا مُقَدَّرَ فِيهَا (وَهِيَ) أَيْ: الْحُكُومَةُ (أَنْ يُقَوَّمَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ كَأَنَّهُ قِنٌّ لَا جِنَايَةَ بِهِ ثُمَّ) يُقَوَّمَ (وَهِيَ) أَيْ: الْجِنَايَةُ (بِهِ قَدْ بَرِئَتْ فَمَا نَقَصَ مِنْ الْقِيمَةِ) بِالْجِنَايَةِ (فَلَهُ) أَيْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ عَلَى جَانٍ (كَنِسْبَتِهِ) أَيْ: نَقْصِ الْقِيمَةِ (مِنْ الدِّيَةِ فَ) يَجِبُ (فِيمَنْ قُوِّمَ) لَوْ كَانَ قِنًّا (صَحِيحًا بِعِشْرِينَ وَ) قُوِّمَ لَوْ كَانَ قِنًّا (مَجْنِيًّا عَلَيْهِ) تِلْكَ الْجِنَايَةُ (بِتِسْعَةَ عَشَرَ نِصْفُ عُشْرِ دِيَتِهِ) أَيْ: الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لِنَقْصِهِ بِالْجِنَايَةِ نِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهِ لَوْ كَانَ قِنًّا وَلَوْ قُوِّمَ سَلِيمًا بِسِتِّينَ ثُمَّ مَجْنِيًّا عَلَيْهِ بِخَمْسِينَ فَفِيهِ سُدُسُ دِيَتِهِ لِنَقْصِهِ بِالْجِنَايَةِ سُدُسَ قِيمَتِهِ. (وَلَا يَبْلُغُ بِحُكُومَةِ) جِنَايَةٍ فِي (مَحَلٍّ لَهُ) أَيْ: فِيهِ مُقَدَّرٌ شَرْعًا (مُقَدَّرَهُ) أَيْ: مَا قُدِّرَ فِيهِ (فَلَا يَبْلُغُ بِهَا) أَيْ الْحُكُومَةِ (أَرْشَ مُوضِحَةٍ فِي شَجَّةٍ دُونَهَا) كَالسِّمْحَاقِ (وَلَا) يَبْلُغُ بِحُكُومَةٍ (دِيَةَ أُصْبُعٍ أَوْ) دِيَةَ (أُنْمُلَةٍ فِيمَا دُونَهُمَا) أَيْ: الْأُصْبُعِ وَالْأُنْمُلَةِ وَلَا يُقَوَّمُ مَجْنِيٌّ عَلَيْهِ حَتَّى يَبْرَأَ لِيَسْتَقِرَّ الْأَرْشُ (فَلَوْ لَمْ تَنْقُصْهُ) أَيْ: الْجِنَايَةُ (حَالَ بُرْءٍ قُوِّمَ حَالَ جَرَيَانِ دَمٍ) لِئَلَّا تَذْهَبَ بِالْجِنَايَةِ عَلَى مَعْصُومٍ هَدَرًا (فَإِنْ لَمْ تُنْقِصْهُ الْجِنَايَةُ) أَيْضًا أَيْ: حَالَ جَرَيَانِ دَمٍ (أَوْ زَادَتْهُ) الْجِنَايَةُ (حُسْنًا) كَقَطْعِ سِلْعَةٍ أَوْ ثُؤْلُولٍ (فَلَا شَيْءَ فِيهَا) لِأَنَّهُ لَا نَقْصَ فِيهَا.
(وَهِيَ) أَيْ: الْعَاقِلَةُ (مَنْ غَرِمَ ثُلُثَ دِيَةٍ فَأَكْثَرَ) مِنْ ثُلُثِ الدِّيَةِ (بِسَبَبِ جِنَايَةِ غَيْرِهِ) أَيْ الْغَارِمِ سُمُّوا بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ يَعْقِلُونَ يُقَالُ عَقَلْتُ فُلَانًا إذَا أَعْطَيْتُ دِيَتَهُ، وَعَقَلْتُ عَنْ فُلَانٍ إذَا غَرِمْتُ عَنْهُ دِيَةَ جِنَايَتِهِ، وَأَصْلُهُ مِنْ عَقْلِ الْإِبِلِ وَهِيَ الْحِبَالُ الَّتِي تُثْنَى بِهَا أَيْدِيهَا، ذَكَرَهُ الْأَزْهَرِيُّ وَقِيلَ مِنْ الْعَقْلِ: أَيْ: الْمَنْعِ؛ لِأَنَّهُمْ يَمْنَعُونَ عَنْ الْقَاتِلِ أَوْ لِأَنَّهَا تَعْقِلُ لِسَانَ وَلِيِّ الْمَقْتُولِ، وَلَمَّا عَرَّفَ الْعَاقِلَةَ بِالْحُكْمِ وَهُوَ مُنْتَقَدٌ بِالدَّوْرِ قَالَ (وَعَاقِلَةُ جَانٍ) ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى (ذُكُورُ عَصَبَتِهِ نَسَبًا وَوَلَاءً حَتَّى عَمُودَيْ نَسَبِهِ وَ) حَتَّى (مَنْ بَعُدَ) كَابْنِ ابْنِ ابْنِ عَمِّ جَدِّ جَانٍ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: {قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَنِينِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي لِحْيَانَ سَقَطَ مَيْتًا بِغُرَّةِ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ ثُمَّ إنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي قُضِيَ عَلَيْهَا بِالْغُرَّةِ تُوُفِّيَتْ فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ مِيرَاثَهَا لَبِنْتَيْهَا وَزَوْجِهَا وَأَنَّ الْعَقْلَ عَلَى عَصَبَتِهَا} مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ {أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى أَنْ يَعْقِلَ عَنْ الْمَرْأَةِ عَصَبَتُهَا مَنْ كَانُوا وَلَا يَرِثُونَ مِنْهَا إلَّا مَا فَضَلَ عَنْ وَرَثَتِهَا} رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا التِّرْمِذِيَّ وَلِأَنَّ الْعَصَبَةَ يَشُدُّونَ أَزْرَ قَرِيبِهِمْ وَيَنْصُرُونَهُ فَاسْتَوَى قَرِيبُهُمْ وَبَعِيدُهُمْ فِي الْعَقْلِ وَلِأَنَّ الْأَبَ وَالِابْنَ أَحَقُّ بِنُصْرَتِهِ مِنْ غَيْرِهِمَا فَوَجَبَ أَنْ يَحْمِلَا عَنْهُ كَالْإِخْوَةِ وَبَنِي الْأَعْمَامِ، وَأَمَّا حَدِيثُ {لَا يَجْنِي عَلَيْك وَلَا تَجْنِي عَلَيْهِ} أَيْ: إثْمُ جِنَايَتِك لَا يَتَخَطَّاكَ إلَيْهِ وَإِثْمُ جِنَايَتِهِ لَا يَتَخَطَّاهُ إلَيْك كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}. وَإِذَا ثَبَتَ الْعَقْلُ فِي عَصَبَةِ النَّسَبِ فَكَذَا عَصَبَةُ الْوَلَاءِ لِعُمُومِ الْخَبَرِ وَأَمَّا الْأَخُ لِلْأُمِّ وَذَوُو الْأَرْحَامِ وَالنِّسَاءُ فَلَيْسُوا مِنْ الْعَاقِلَةِ بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ النُّصْرَةِ (لَكِنْ لَوْ عَرَفَ نَسَبَهُ مِنْ قَبِيلَةٍ وَلَمْ يَعْلَمْ مِنْ أَيِّ بُطُونِهَا) هُوَ (لَمْ يَعْقِلُوا) أَيْ: رِجَالُ الْقَبِيلَةِ (عَنْهُ) أَيْ: الْجَانِي الَّذِي لَمْ يُعْلَمْ مِنْ أَيِّ بُطُونِهَا، فَلَوْ قُتِلَ قُرَشِيٌّ وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْ أَيِّ بُطُونِ قُرَيْشٍ لَمْ تَعْقِلْ قُرَيْشٌ عَنْهُ كَمَا لَا يَرِثُونَهُ لِتَفَرُّقِهِمْ وَصَيْرُورَةِ كُلِّ قَوْمٍ مِنْهُمْ يَنْتَسِبُونَ إلَى أَبٍ أَدْنَى يَتَمَيَّزُونَ بِهِ. (وَيَعْقِلُ) عَصَبَةُ (هَرِمٍ) غَنِيٍّ (وَزَمِنٍ) غَنِيٍّ (وَأَعْمَى) غَنِيٍّ (وَغَائِبٍ) غَنِيٍّ (كَضِدِّهِمْ) أَيْ: كَشَابٍّ وَصَحِيحٍ وَبَصِيرٍ وَحَاضِرٍ لِاسْتِوَائِهِمْ فِي التَّعْصِيبِ وَكَوْنِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْمُوَاسَاةِ و(لَا) يَعْقِلُ (فَقِيرٌ) أَيْ: مَنْ لَا يَمْلِكُ نِصَابًا عِنْدَ حُلُولِ الْحَوْلِ فَاضِلًا عَنْهُ كَحَجٍّ وَكَفَّارَةِ ظِهَارٍ (وَلَوْ) كَانَ (مُعْتَمِلًا) لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْمُوَاسَاةِ كَالزَّكَاةِ، وَلِأَنَّهَا وَجَبَتْ عَلَى الْعَاقِلَةِ تَخْفِيفًا عَلَى الْجَانِي فَلَا تَنْتَقِلُ عَلَى مَنْ لَا جِنَايَةَ مِنْهُ. (وَلَا) يَعْقِلُ (صَغِيرٌ أَوْ مَجْنُونٌ) لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ أَهْلِ النُّصْرَةِ وَالْمُعَاضَدَةِ (أَوْ امْرَأَةٌ) وَلَوْ مُعْتَقَةً (أَوْ خُنْثَى مُشْكِلٌ) لِمَا تَقَدَّمَ (أَوْ قِنٌّ) لِأَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ (أَوْ مُبَايِنٌ لِدِينٍ جَانٍ) لِفَوَاتِ النُّصْرَةِ. وَفِي الْكَافِي: بِنَاءً عَلَى تَوْرِيثِهِمْ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يَعْقِلُ فِي الْوَلَاءِ. (وَلَا تَعَاقُلَ بَيْنَ ذِمِّيٍّ وَحَرْبِيٍّ) لِانْقِطَاعِ التَّنَاصُرِ بَيْنَهُمَا. (وَيَتَعَاقَلُ أَهْلُ ذِمَّةٍ اتَّحَدَتْ مِلَلُهُمْ) كَمَا يَتَوَارَثُونَ وَلِأَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ النُّصْرَةِ كَالْمُسْلِمِينَ فَإِنْ اخْتَلَفَتْ مِلَلُهُمْ فَلَا تَعَاقُلَ كَمَا لَا تَوَارُثَ وَلَا يَعْقِلُ عَنْ الْمُرْتَدِّ أَأَحَدٌ لَا مُسْلِمٌ وَلَا ذِمِّيٌّ لِأَنَّهُ لَا يُقِرُّ فَخَطَؤُهُ فِي مَالِهِ. (وَخَطَأُ إمَامٍ وَ) خَطَأُ (حَاكِمٍ فِي حُكْمِهِمَا فِي بَيْتِ الْمَالِ) لَا تَحْمِلُهُ عَاقِلَتُهُمَا لِأَنَّهُ يَكْثُرُ فَيَحُفُّ بِالْعَاقِلَةِ، وَلِأَنَّ الْإِمَامَ وَالْحَاكِمَ نَائِبَانِ عَنْ اللَّهِ فَيَكُونُ أَرْشُ خَطَئِهِمَا فِي مَالِ اللَّهِ (كَخَطَأِ وَكِيلٍ) فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا تَلِفَ مِنْهُ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَفْرِيطٍ بَلْ يُضَيِّعُ عَلَى مُوَكِّلِهِ، أَوْ كَخَطَأِ وَكِيلٍ يَتَصَرَّفُ لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ كَالْوُزَرَاءِ فَخَطَؤُهُ فِي حُكْمِهِ فِي بَيْتِ الْمَالِ لِمَا تَقَدَّمَ (وَخَطَؤُهُمَا) أَيْ: الْإِمَامِ وَالْحَاكِمِ (فِي غَيْرِ حُكْمٍ) كَرَمْيِهِمَا صَيْدًا فَيُصِيبَانِ آدَمِيًّا (عَلَى عَاقِلَتِهِمَا) كَخَطَأِ غَيْرِهِمَا. (وَمَنْ لَا عَاقِلَةَ لَهُ، أَوْ لَهُ) عَاقِلَةٌ (وَعَجَزَتْ عَنْ الْجَمِيعِ) أَيْ جَمِيعِ مَا وَجَبَ بِجِنَايَتِهِ خَطَأً (فَالْوَاجِبُ مِنْ الدِّيَةِ) إنْ لَمْ تَكُنْ عَاقِلَةً أَوْ كَانَتْ وَعَجَزَتْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهَا (أَوْ تَتِمَّتُهُ) إنْ عَجَزَتْ عَنْ بَعْضِهَا وَقَدَرَتْ عَلَى الْبَعْضِ (مَعَ كُفْرِ جَانٍ عَلَيْهِ) فِي مَالِهِ حَالًّا (وَمَعَ إسْلَامِهِ) أَيْ: الْجَانِي الْوَاجِبِ أَوْ تَتِمَّتُهُ (فِي بَيْتِ الْمَالِ حَالًّا) لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَدَى الْأَنْصَارِيَّ الَّذِي قُتِلَ بِخَيْبَرَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَلِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ يَرِثُونَ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ فَيَعْقِلُونَ عَنْهُ عِنْدَ عَدَمِ عَاقِلَتِهِ. (وَتَسْقُطُ) الدِّيَةُ (بِتَعَذُّرِ أَخْذٍ مِنْهُ) أَيْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ حَيْثُ وَجَبَتْ فِيهِ (لِوُجُوبِهَا) أَيْ الدِّيَةِ (ابْتِدَاءً عَلَيْهَا) أَيْ: الْعَاقِلَةِ دُونَ الْقَاتِلِ لِأَنَّهُ لَا يُطَالِبُ بِهَا غَيْرَ الْعَاقِلَةِ وَلَا يَعْتَبِرُ تَحَمُّلَهُمْ لَهَا وَلَا رِضَاهُمْ فَلَا تُؤْخَذُ مِنْ غَيْرِ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ عَدِمَ الْقَاتِلَ. (وَمَنْ تَغَيَّرَ دِينُهُ) بِأَنْ كَانَ كَافِرًا فَأَسْلَمَ وَقَدْ رَمَى ثُمَّ أَصَابَ بَيْنَ رَمْيٍ وَإِصَابَةٍ (فَالْوَاجِبُ فِي مَالِهِ) وَلَا يَعْقِلُ عَنْهُ الْمُسْلِمُونَ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُسْلِمًا حَالَ رَمْيِهِ وَلَا الْمُعَاهَدُونَ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْنِ إلَّا وَهُوَ مُسْلِمٌ وَكَذَا إنْ رَمَى وَهُوَ مُسْلِمٌ ثُمَّ ارْتَدَّ ثُمَّ قَتَلَ السَّهْمُ إنْسَانًا لَمْ يَعْقِلْهُ أَحَدٌ. (وَإِنْ تَغَيَّرَ دِينُ جَارِحٍ حَالَتَيْ جُرْحٍ وَزُهُوقِ) رُوحُ مَجْنِيٍّ عَلَيْهِ (حَمَلَتْهُ عَاقِلَتُهُ) أَيْ: الْجَارِحِ (حَالَ جُرْحٍ) لِأَنَّهُ لَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ فِعْلٌ بَعْدَ الْجُرْحِ. (وَإِنْ انْجَرَّ وَلَاءُ ابْنِ مُعْتَقَةٍ) بِأَنْ عَتَقَ أَبُوهُ فَانْجَرَّ وَلَاءُ أَوْلَادِهِ إلَى مَوَالِيهِ (بَيْنَ جُرْحٍ) وَتَلَفٍ (أَوْ) بَيْنَ (رَمْيٍ وَتَلَفٍ فَكَتَغَيُّرِ دِينٍ فِيهِمَا) أَيْ: الْمَسْأَلَتَيْنِ فَفِي مَسْأَلَةِ الرَّامِي الْوَاجِبُ فِي مَالِ جَانٍ وَفِي مَسْأَلَةِ الْجُرْحِ عَلَى عَاقِلَتِهِ مِنْ مَوَالِي الْأُمِّ لِمَا تَقَدَّمَ.
وَلَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ عَمْدًا وَجَبَ بِهِ قَوَدٌ، وَلَا كَجَائِفَةٍ وَمَأْمُومَةٍ (وَلَا) تَحْمِلُ (صُلْحَ إنْكَارٍ وَلَا) تَحْمِلُ (اعْتِرَافًا بِأَنْ يُقِرَّ) جَانٍ (عَلَى نَفْسِهِ بِجِنَايَةِ خَطَأٍ أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ تُوجِبُ ثُلُثَ دِيَةٍ فَأَكْثَرَ وَتُنْكِرُ الْعَاقِلَةُ وَلَا) تَحْمِلُ (قِيمَةَ دَابَّةٍ أَوْ) قِيمَةَ (قِنٍّ أَوْ قِيمَةَ طَرَفِهِ وَلَا) تَحْمِلُ (جِنَايَتَهُ) أَيْ: الْقِنِّ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا {لَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ عَمْدًا وَلَا عَبْدًا وَلَا صُلْحًا وَلَا اعْتِرَافًا}. وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَوْقُوفًا وَلَا يُعْرَفُ لَهُ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلِأَنَّ الْقَاتِلَ عَمْدًا غَيْرُ مَعْذُورٍ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْمُوَاسَاةَ وَلَا التَّخْفِيفَ وَلِأَنَّ الصُّلْحَ يَثْبُتُ بِفِعْلِهِ وَاخْتِيَارِهِ فَلَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ كَالِاعْتِرَافِ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي مُوَاطَأَةِ الْمُقَرِّ لَهُمْ بِالْقَتْلِ لِيَأْخُذَ الدِّيَةَ مِنْ عَاقِلَتِهِ فَيُقَاسِمُهُمْ إيَّاهَا وَلِأَنَّ الْعَبْدَ يُضْمَنُ ضَمَانَ الْمَالِ أَشْبَهَ سَائِرَ الْأَمْوَالِ. (وَلَا) تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ (مَا دُونَ ثُلُثِ دِيَةِ ذَكَرٍ) حُرٍّ (مُسْلِمٍ) كَثَلَاثِ أَصَابِعَ وَأَرْشِ مُوضِحَةٍ لِقَضَاءِ عُمَرَ أَنَّهَا لَا تَحْمِلُ شَيْئًا حَتَّى يَبْلُغَ عَقْلَ الْمَأْمُومَةِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ الضَّمَانُ عَلَى الْجَانِي لِأَنَّهُ الْمُتْلِفُ خُولِفَ فِي ثُلُثِ الدِّيَةِ فَأَكْثَرَ لِإِجْحَافِهِ بِالْجَانِي لِكَثْرَتِهِ فَبَقِيَ مَا عَدَاهُ عَلَى الْأَصْلِ (إلَّا غُرَّةَ جَنِينٍ مَاتَ مَعَ أُمِّهِ أَوْ) مَاتَ (بَعْدَهَا) أَيْ: أُمِّهِ (بِجِنَايَةٍ وَاحِدَةٍ) فَتُحْمَلُ الْغُرَّةُ تَبَعًا لِدِيَةِ الْأُمِّ نَصًّا لِاتِّحَادِ الْجِنَايَةِ و(لَا) تُحْمَلُ الْغُرَّةُ إنْ مَاتَ بِجِنَايَةٍ عَلَيْهِ وَحْدَهُ دُونَ أُمِّهِ أَوْ مَاتَ (قَبْلَهَا) أَيْ: أُمِّهِ بِأَنْ أَجْهَضَتْهُ مَيِّتًا ثُمَّ مَاتَتْ وَلَوْ اتَّحَدَتْ الْجِنَايَةُ (لِنَقْصِهِ) أَيْ: مَا وَجَبَ فِي الْجَنِينِ مِنْ الْغُرَّةِ (عَنْ الثُّلُثِ) وَلَا تَبَعِيَّةَ لِتَقَدُّمِهِ. (وَتَحْمِلُ) الْعَاقِلَةُ (شِبْهَ عَمْدٍ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ " اقْتَتَلَتْ امْرَأَتَانِ مِنْ هُذَيْلٍ " وَتَقَدَّمَ وَلِأَنَّهُ نَوْعُ قَتْلٍ لَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ أَشْبَهَ الْخَطَأَ (مُؤَجَّلًا) مَا وَجَبَ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ (فِي ثَلَاثِ سِنِينَ كَوَاجِبٍ بِخَطَأٍ) لِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ أَنَّهُمَا قَضَيَا بِالدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمَا فِي عَصْرِهِمَا وَلِأَنَّهَا تَحْمِلُهُ مُوَاسَاةً فَاقْتَضَتْ الْحِكْمَةُ تَخْفِيفَهُ عَلَيْهَا. (وَيَجْتَهِدُ حَاكِمٌ فِي تَحْمِيلِ) كُلٍّ مِنْ الْعَاقِلَةِ لِأَنَّهُ لَا نَصَّ فِيهِ فَرَجَعَ فِيهِ إلَى اجْتِهَادِهِ كَتَقْدِيرِ النَّفَقَةِ (فَيُحَمِّلُ) الْحَاكِمُ (كُلًّا (مِنْهُمْ (مَا يَسْهُلُ عَلَيْهِ) نَصًّا لِأَنَّ ذَلِكَ مُوَاسَاةٌ لِلْجَانِي وَتَخْفِيفٌ عَنْهُ فَلَا يَشُقُّ عَلَى غَيْرِهِ (وَيَبْدَأُ) فِي تَحْمِيلِ عَاقِلَةٍ (بِالْأَقْرَبِ) فَالْأَقْرَبِ (كَإِرْثِ) فَيَقْسِمُ عَلَى الْآبَاءِ وَالْأَبْنَاءِ ثُمَّ الْإِخْوَةِ ثُمَّ بَنِي الْإِخْوَةِ ثُمَّ الْأَعْمَامِ ثُمَّ بَنِيهِمْ ثُمَّ أَعْمَامِ الْأَبِ ثُمَّ بَنِيهِمْ ثُمَّ أَعْمَامِ الْجَدِّ ثُمَّ بَنِيهِمْ وَهَكَذَا أَبَدًا حَتَّى تَنْقَرِضَ عَصَبَةُ النَّسَبِ ثُمَّ الْوَلِيِّ الْمُعْتِقِ ثُمَّ عَصَبَةِ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ كَالْمِيرَاثِ (لَكِنْ تُؤْخَذُ مِنْ بَعِيدٍ لِغَيْبَةِ قَرِيبٍ) وَإِنْ اتَّسَعَتْ أَمْوَالُ الْأَقْرَبِينَ لِلدِّيَةِ لَمْ يَتَجَاوَزْهُمْ وَإِلَّا انْتَقَلَتْ إلَى مَنْ يَلِيهِمْ (فَإِنْ تَسَاوَوْا) فِي الْقُرْبِ (وَكَثُرُوا وَزَّعَ الْوَاجِبَ بَيْنَهُمْ) بِحَسَبِ مَا يَسْهُلُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمْ وَلَا يَتَجَاوَزْهُمْ وَإِنْ لَمْ تَتَّسِعْ أَمْوَالُهُمْ لِحَمْلِ الْوَاجِبِ انْتَقَلَ إلَى مَنْ يَلِيهِمْ (وَمَا أَوْجَبَ ثُلُثَ دِيَةٍ) فَقَطْ (أُخِذَ فِي رَأْسِ الْحَوْلِ) لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ حَالًّا. (وَ) مَا أَوْجَبَ (ثُلُثَيْهِمَا) أَيْ الدِّيَةِ كَجَائِفَةٍ مَعَ مَأْمُومَةٍ (فَأَقَلَّ) كَدِيَةِ امْرَأَةٍ وَعَيْنٍ وَيَدٍ مِنْ حُرٍّ مُسْلِمٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ (أُخِذَ) فِي (رَأْسِ الْحَوْلِ ثُلُثُ) دِيَةٍ (وَ) أُخِذَتْ (التَّتِمَّةُ) لِلْوَاجِبِ (فِي رَأْسِ) حَوْلٍ (آخَرَ) رِفْقًا بِالْعَاقِلَةِ (وَإِنْ زَادَ) الْوَاجِبُ عَلَى ثُلُثَيْ الدِّيَةِ (وَلَمْ يَبْلُغْ دِيَةً كَامِلَةً) كَأَرْشِ سُبْعِ أَصَابِعَ فَأَكْثَرَ مِنْ ذَكَرٍ حُرٍّ مُسْلِمٍ (أَخَذَ رَأْسَ كُلِّ حَوْلٍ ثُلُثَ) دِيَةٍ. (وَ) أُخِذَتْ (التَّتِمَّةُ) مِنْ الْوَاجِبِ (فِي رَأْسِ) حَوْلٍ (ثَالِثٌ وَإِنْ أَوْجَبَ) خَطَأٌ أَوْ شِبْهُ عَمْدٍ (دِيَةً أَوْ أَكْثَرَ) مِنْ دِيَةٍ (بِجِنَايَةٍ وَاحِدَةً كَضَرْبَةٍ أَذْهَبَتْ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ. فَفِي) رَأْسِ (كُلِّ حَوْلٍ) يُؤْخَذُ مِنْ الْعَاقِلَةِ (ثُلُثُ) دِيَةٍ لِمَا تَقَدَّمَ وَكَذَا لَوْ قَتَلَتْ ضَرْبَةٌ حَامِلًا وَجَنِينَهَا بَعْدَ أَنْ اسْتَهَلَّ. (وَ) إنْ ذَهَبَ السَّمْعُ وَالْبَصَرُ أَوْ نَحْوُهُمَا (بِجِنَايَتَيْنِ) بِأَنْ ضَرَبَهُ فَأَذْهَبَ سَمْعَهُ ثُمَّ جَنَى عَلَيْهِ فَأَذْهَبَ بَصَرَهُ بِدِيَتِهِمَا فِي ثَلَاثِ سِنِينَ (أَوْ قَتَلَ اثْنَيْنِ) وَلَوْ بِجِنَايَةٍ (فَدِيَتُهُمَا) تُؤْخَذُ (فِي ثَلَاثِ) سِنِينَ لِانْفِرَادِ كُلٍّ مِنْ الْجِنَايَتَيْنِ بِحُكْمِهِ (وَابْتِدَاءُ حَوْلِ قَتْلٍ) مِنْ (حِينِ زُهُوقِ) رُوحٍ. (وَ) ابْتِدَاءُ حَوْلٍ فِي (جُرْحٍ مِنْ بُرْءٍ) لِأَنَّهُ وَقْتُ الِاسْتِقْرَارِ (وَمَنْ صَارَ) مِنْ الْعَاقِلَةِ (أَهْلًا عِنْدَ الْحَوْلِ) كَصَبِيٍّ بَلَغَ وَمَجْنُونٍ عَقَلَ عِنْدَهُ (لَزِمَهُ) مَا كَانَ يَلْزَمُهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ جَمِيعُ الْحَوْلِ لِوُجُودِهِ وَقْتَ الْوُجُوبِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْوُجُوبِ (وَإِنْ حَدَثَ) بِهِ (مَانِعٌ بَعْدَ الْحَوْلِ) كَأَنْ جُنَّ (فَ) عَلَيْهِ (قِسْطُهُ) أَيْ: ذَلِكَ الْحَوْلِ الَّذِي كَانَ فِيهِ أَهْلًا لِلْوُجُوبِ (وَإِلَّا) بِأَنْ حَدَثَ الْمَانِعُ مِنْ الْحَوْلِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ (سَقَطَ) قِسْطُ ذَلِكَ الْحَوْلِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ يَجِبُ مُوَاسَاةً فَسَقَطَ بِحُدُوثِ الْمَانِعِ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ كَالزَّكَاةِ.
سُمِّيَتْ بِذَلِكَ مِنْ الْكَفْرِ بِفَتْحِ الْكَافِ أَيْ: السَّتْرِ؛ لِأَنَّهَا تَسْتُرُ الذَّنْبَ وَتُغَطِّيهِ. وَأَجْمَعُوا عَلَى وُجُوبِهَا فِي الْجُمْلَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ...} الْآيَةَ (وَتَلْزَمُ) الْكَفَّارَةُ (كَامِلَةً فِي مَالِ قَاتِلٍ لَمْ يَتَعَمَّدْ) الْقَتْلَ. بِأَنْ قَتَلَ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ لِلْآيَةِ وَأُلْحِقَ بِالْخَطَأِ شِبْهُ الْعَمْدِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَاهُ. بِخِلَافِ الْعَمْدِ الْمَحْضِ (وَلَوْ) كَانَ الْقَاتِلُ (كَافِرًا أَوْ قِنًّا أَوْ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا) لِأَنَّهَا حَقٌّ مَالِيٌّ يَتَعَلَّقُ بِالْفِعْلِ أَشْبَهَتْ الدِّيَةَ، وَأَيْضًا هِيَ عِبَادَةٌ مَالِيَّةٌ أَشْبَهَتْ الزَّكَاةَ (أَوْ إمَامًا فِي خَطَأٍ يَحْمِلُهُ بَيْتُ الْمَالِ أَوْ مُشَارِكًا) فِي الْقَتْلِ؛ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ مُوجِبُ قَتْلِ آدَمِيٍّ فَوَجَبَ إكْمَالُهَا عَلَى كُلٍّ مِنْ الشُّرَكَاءِ فِيهِ كَالْقِصَاصِ، وَسَوَاءٌ قَتَلَ بِمُبَاشَرَةٍ (أَوْ بِسَبَبٍ) كَحَفْرِ بِئْرٍ تَعَدِّيًا، وَلَوْ كَانَ الْقَتْلُ بِهَا (بَعْدَ مَوْتِهِ) أَيْ: الْمُتَسَبِّبِ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَمَنْ قَتَلَ} (نَفْسًا) مَفْعُولٌ لَقَاتِلٍ (مُحَرَّمَةً وَلَوْ نَفْسَهُ) أَيْ: الْقَاتِلِ (أَوْ) نَفْسَ (قِنِّهِ) لِعُمُومِ الْآيَةِ (أَوْ) كَانَ الْمَقْتُولُ (مُسْتَأْمَنًا) لِأَنَّهُ آدَمِيٌّ قُتِلَ ظُلْمًا أَشْبَهَ الْمُسْلِمَ، وَلِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ}. (أَوْ) كَانَ الْقَتِيلُ (جَنِينًا) بِأَنْ ضَرَبَ بَطْنَ حَامِلٍ فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا أَوْ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ لِأَنَّهُ نَفْسٌ مُحَرَّمَةٌ؛ وَلَا كَفَّارَةَ بِإِلْقَاءِ مُضْغَةٍ لَمْ تَتَصَوَّرْ (غَيْرَ أَسِيرٍ حَرْبِيٍّ يُمْكِنُهُ) أَيْ: الَّذِي أَسَرَهُ (أَنْ يَأْتِيَ بِهِ الْإِمَامَ) فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ قَتْلُهُ، وَلَا كَفَّارَةَ فِيهِ (وَ) غَيْرَ (نِسَاءِ) أَهْلِ (حَرْبٍ وَذُرِّيَّتِهِمْ وَ) غَيْرَ (مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ). أَيْ: دَعْوَةُ الْإِسْلَامِ. فَيَحْرُمُ قَتْلُهُمْ، وَلَا كَفَّارَةَ لِمَفْهُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ...} الْآيَةَ وَلِأَنَّهُمْ لَا أَمَانَ لَهُمْ وَلَا أَيْمَانَ، وَالْمَنْعُ مِنْ قَتْلِهِمْ لِلِافْتِيَاتِ عَلَى الْإِمَامِ، أَوْ انْتِفَاعِ الْمُسْلِمِينَ بِهِمْ أَوْ لِعَدَمِ الدَّعْوَةِ وَلِأَنَّهُمْ غَيْرُ مَضْمُونِينَ بِقِصَاصٍ وَلَا دِيَةٍ. أَشْبَهُوا مُبَاحَ الدَّمِ و(لَا) كَفَّارَةَ عَلَى مَنْ قَتَلَ نَفْسًا (مُبَاحَةً كَبَاغٍ) وَمُرْتَدٍّ، وَمَنْ تَحَتَّمَ قَتْلُهُ لِلْمُحَارَبَةِ (وَكَا) (لِقَتْلِ قِصَاصًا أَوْ حَدًّا) أَوْ قَتْلِهِ (دَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ) لِصَوْلِهِ عَلَيْهِ.
لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ فِيهِ شَرْعًا، وَكَفَّارَتُهُ عِتْقُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، وَلَا إطْعَامَ فِيهَا. وَتَقَدَّمَ فِي الظِّهَارِ (وَيُكَفِّرُ قِنٌّ بِصَوْمٍ) لِأَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ يُعْتِقُ مِنْهُ. (وَ) يُكَفِّرُ (مِنْ مَالِ غَيْرِ مُكَلَّفٍ) كَصَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ (وَلِيُّهُ) فَيُعْتِقُ مِنْهُ رَقَبَةً لِعَدَمِ إمْكَانِ الصَّوْمِ مِنْهُمَا. وَلَا تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ. وَتَقَدَّمَ فِي الْحَجْرِ، وَيُكَفِّرُ سَفِيهٌ وَمُفْلِسٌ بِصَوْمٍ. (وَتَتَعَدَّدُ) الْكَفَّارَةُ (بِتَعَدُّدِ قَتْلٍ) كَتَعَدُّدِ الدِّيَةِ بِذَلِكَ لِقِيَامِ كُلِّ قَتِيلٍ بِنَفْسِهِ وَعَدَمِ تَعَلُّقِهِ بِغَيْرِهِ.
بِفَتْحِ الْقَافِ (وَهِيَ) اسْمُ مَصْدَرٍ مِنْ أَقْسَمَ إقْسَامًا وَقَسَامَةً، قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: هُمْ الْقَوْمُ يُقْسِمُونَ فِي دَعْوَاهُمْ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَتَلَ صَاحِبَهُمْ سُمُّوا قَسَامَةً بِاسْمِ الْمَصْدَرِ كَعَدْلٍ وَرِضًا. وَشَرْعًا: (أَيْمَانٌ مُكَرَّرَةٌ فِي دَعْوَى قَتْلِ مَعْصُومٍ) لَا نَحْوِ مُرْتَدٍّ وَلَوْ جَرَحَ مُسْلِمًا. قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: أَوَّلُ مَنْ قَضَى بِالْقَسَامَةِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، فَأَقَرَّهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْإِسْلَامِ (فَلَا تَكُونُ) الْقَسَامَةُ (فِي) دَعْوَى قَطْعِ (طَرَفٍ وَلَا) فِي دَعْوَى (جُرْحٍ) لِأَنَّهَا ثَبَتَتْ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ فِي النَّفْسِ لِحُرْمَتِهَا فَاخْتَصَّتْ بِهَا كَالْكَفَّارَةِ (وَشُرُوطُ صِحَّتِهَا؛ عَشَرَةٌ) أَحَدُهَا (اللَّوْثُ وَهُوَ الْعَدَاوَةُ الظَّاهِرَةُ وُجِدَ مَعَهَا) أَيْ: الْعَدَاوَةِ (أَثَرُ قَتْلٍ) كَدَمٍ فِي أُذُنِهِ أَوْ أَنْفِهِ (أَوْ لَا) لِحُصُولِ الْقَتْلِ بِمَا لَا أَثَرَ لَهُ كَضَمِّ الْوَجْهِ وَالْخَنْقِ وَعَصْرِ الْخُصْيَتَيْنِ، وَلِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْأَلْ الْأَنْصَارَ هَلْ بِقَتِيلِهِمْ أَثَرٌ أَمْ لَا (وَلَوْ) كَانَتْ الْعَدَاوَةُ (مَعَ سَيِّدِ مَقْتُولٍ) لِأَنَّ السَّيِّدَ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِدَمٍ، وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرُ وَالْمُكَاتَبُ وَالْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ فِي ذَلِكَ كَالْقِنِّ، لِأَنَّهُ نَفْسٌ مَعْصُومَةٌ أَشْبَهَ الْحُرَّ. وَالْعَدَاوَةُ الظَّاهِرَةُ (نَحْوُ مَا كَانَ بَيْنَ الْأَنْصَارِ وَأَهْلِ خَيْبَرَ، وَمَا بَيْنَ الْقَبَائِلِ الَّتِي يَطْلُبُ بَعْضُهَا بَعْضًا بِثَأْرٍ) وَمَا بَيْنَ الْبُغَاةِ وَأَهْلِ الْعَدْلِ، وَمَا بَيْنَ الشُّرْطَةِ وَاللُّصُوصِ. وَلَا يُشْتَرَطُ مَعَ اللَّوْثِ أَنْ لَا يَكُونَ بِمَوْضِعِ الْقَتْلِ غَيْرُ الْعَدُوِّ نَصًّا لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْأَلْ الْأَنْصَارَ هَلْ كَانَ بِخَيْبَرَ غَيْرُ الْيَهُودِ أَوْ لَا مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ وُجُودُ غَيْرِهِمْ فِيهَا لِأَنَّهَا كَانَتْ أَمْلَاكًا لِلْمُسْلِمِينَ يَقْصِدُونَهَا. لِاسْتِغْلَالِهَا. وَفِي الْإِقْنَاعِ لَوْ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي صَحْرَاءَ وَلَيْسَ مَعَهُ غَيْرُ عَبْدِهِ كَانَ ذَلِكَ لَوْثًا فِي حَقِّ الْعَبْدِ (وَلَيْسَ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ صِحَّةُ الدَّعْوَى) أَيْ: دَعْوَى الْقَتْلِ (كَتَفَرُّقِ جَمَاعَةٍ عَنْ قَتِيلٍ وَ) كَ (وُجُودِهِ) أَيْ: الْقَتِيلِ (عِنْدَ مَنْ مَعَهُ مُحَدَّدٌ) كَسِكِّينٍ وَخِنْجَرٍ (مُلَطَّخٌ بِدَمٍ وَ) كَ (شَهَادَةِ مَنْ لَمْ يَثْبُتْ بِهِمْ قَتْلٌ) كَنِسَاءٍ وَصِبْيَانٍ (بِلَوْثٍ) خَبَرُ لَيْسَ (كَقَوْلِ مَجْرُوحٍ: فُلَانٌ جَرَحَنِي) فَلَيْسَ لَوْثًا لِأَنَّهُ الْعَدَاوَةُ فَقَطْ لِأَنَّ الْقَسَامَةَ إنَّمَا ثَبَتَتْ مَعَ الْعَدَاوَةِ بِقَضِيَّةِ الْأَنْصَارِيِّ الَّذِي قُتِلَ بِخَيْبَرَ، وَلَا يُقَاسُ عَلَيْهَا لِثُبُوتِ الْحُكْمِ بِالْمَظِنَّةِ، وَلَا يُقَاسُ فِي الْمَظَانِّ وَلَا قِيَاسَ فِي الْمَظَانِّ لِأَنَّ الْحُكْمَ إنَّمَا يَتَعَدَّى بِتَعَدِّي سَبَبِهِ. وَالْقِيَاسُ: الْمَظَانُّ جَمْعٌ بِمُجَرَّدِ الْحِكْمَةِ وَغَلَبَةِ الظُّنُونِ؛ وَالْحُكْمُ بِالظُّنُونِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْقَرَائِنِ وَالْأَحْوَالِ وَالْأَشْخَاصِ فَلَا يُمْكِنُ رَبْطُ الْحُكْمِ بِهَا (وَمَتَى فُقِدَ) اللَّوْثُ (وَلَيْسَتْ الدَّعْوَى بِ) قَتْلِ (عَمْدٍ) بِأَنْ كَانَتْ بِقَتْلٍ خَطَأٍ أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ (حَلَفَ مُدَّعًى عَلَيْهِ يَمِينًا وَاحِدَةً) لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا {الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ إلَّا فِي الْقَسَامَةِ} رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ (وَلَا يَمِينَ فِي) دَعْوَى قَتْلِ (عَمْدٍ) مَعَ فَقْدِ لَوْثٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ (فَيُخْلَى سَبِيلُهُ) أَيْ: الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْقَتْلُ عَمْدًا حَيْثُ أَنْكَرَ وَلَا بَيِّنَةَ (وَعَلَى رِوَايَةٍ فِيهَا قُوَّةٌ) وَهِيَ أَشْهُرُ وَاخْتَارَهَا الْمُوَفَّقُ وَغَيْرُهُ وَقَدَّمَهَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْمَذْهَبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمْ. ذَكَرَهُ فِي التَّنْقِيحِ (يَحْلِفُ، فَلَوْ نَكَلَ لَمْ يَقْضِ عَلَيْهِ بِغَيْرِ الدِّيَةِ). احْتِيَاطًا لِلدِّمَاءِ. الشَّرْطُ (الثَّانِي تَكْلِيفُ) الـ (قَاتِلِ) أَيْ مُدَّعًى عَلَيْهِ الْقَتْلُ (لِتَصِحَّ الدَّعْوَى) لِأَنَّهَا لَا تَصِحُّ عَلَى صَغِيرٍ وَلَا مَجْنُونٍ. الشَّرْطُ (الثَّالِثُ إمْكَانُ الْقَتْلِ مِنْهُ) أَيْ: الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (وَأَلَّا) يُمْكِنَ مِنْهُ قَتْلٌ لِنَحْوِ زَمَانَةٍ لَمْ تَصِحَّ عَلَيْهِ دَعْوَاهُ (كَبَقِيَّةِ الدَّعَاوَى) الَّتِي يُكَذِّبُهَا الْحِسُّ، وَإِنْ أَقَامَ مُدَّعًى عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ يَوْمَ الْقَتْلِ فِي بَلَدٍ بَعِيدٍ مِنْ بَلَدِ الْمَقْتُولِ وَلَا يُمْكِنُهُ مَجِيئُهُ مِنْهُ إلَيْهِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ بَطَلَتْ الدَّعْوَى. قَالَ فِي الشَّرْحِ. الشَّرْطُ (الرَّابِعُ وَصْفُ الْقَتْلِ) أَيْ: أَنْ يَصِفَهُ الْمُدَّعِي (فِي الدَّعْوَى) كَأَنْ يَقُولَ جَرَحَهُ بِسَيْفٍ أَوْ سِكِّينٍ وَنَحْوِهِ فِي مَحَلِّ كَذَا مِنْ بَدَنِهِ، أَوْ خَنَقَهُ أَوْ ضَرَبَهُ بِنَحْوِ لَتٍّ فِي رَأْسِهِ وَنَحْوِهِ (فَلَوْ اسْتَحْلَفَهُ) أَيْ: الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (حَاكِمٌ قَبْلَ تَفْصِيلِهِ) أَيْ: وَصْفِ مُدَّعٍ الْقَتْلَ (لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ) أَيْ الْحَلِفِ لِعَدَمِ صِحَّةِ الدَّعْوَى. الشَّرْطُ (الْخَامِسُ: طَلَبُ جَمِيعِ الْوَرَثَةِ) فَلَا يَكْفِي طَلَبُ بَعْضِهِمْ لِعَدَمِ انْفِرَادِهِ بِالْحَقِّ. الشَّرْطُ (السَّادِسُ اتِّفَاقُهُمْ) أَيْ جَمِيعِ الْوَرَثَةِ (عَلَى الدَّعْوَى) لِلْقَتْلِ (فَلَا يَكْفِي عَدَمُ تَكْذِيبِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا) إذْ السَّاكِتُ لَا يُنْسَبُ إلَيْهِ حُكْمٌ. الشَّرْطُ (السَّابِعُ: اتِّفَاقُهُمْ) أَيْ جَمِيعِ الْوَرَثَةِ (عَلَى الْقَتْلِ فَإِنْ أَنْكَرَ) الْقَتْلَ (بَعْضُ) الْوَرَثَةِ (فَلَا قَسَامَةَ) الشَّرْطُ (الثَّامِنُ: اتِّفَاقُهُمْ) أَيْ الْوَرَثَةِ (عَلَى) عَيْنِ (قَاتِلٍ) نَصًّا (فَلَوْ قَالَ بَعْضُ) الْوَرَثَةِ (قَتَلَهُ زَيْدٌ وَ) قَالَ (بَعْضُهُمْ قَتَلَهُ بَكْرٌ فَلَا قَسَامَةَ). وَكَذَا لَوْ قَالَ بَعْضُهُمْ قَتَلَهُ زَيْدٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَمْ يَقْتُلْهُ زَيْدٌ، عَدْلًا كَانَ الْمُكَذِّبُ أَوْ فَاسِقًا؛ لِإِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ بِتَبْرِئَةِ زَيْدٍ، وَكَذَا لَوْ قَالَ أَحَدُ ابْنَيْ الْقَتِيلِ قَتَلَهُ. زَيْدٌ، وَقَالَ الْآخَرُ لَا أَعْلَمُ قَاتِلَهُ فَلَا قَسَامَةَ كَمَا لَوْ كَذَّبَهُ؛ لِأَنَّ الْأَيْمَانَ أُقِيمَتْ مَقَامَ الْبَيِّنَةِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقُومَ أَحَدُهُمَا مَقَامَ الْآخَرِ فِي الْأَيْمَانِ كَسَائِرِ الدَّعْوَى (وَيَقْبَلُ تَعْيِينَهُمْ) أَيْ الْوَرَثَةِ لِقَاتِلٍ (بَعْدَ قَوْلِهِمْ لَا نَعْرِفُهُ) لِإِمْكَانِ عِلْمِهِ بَعْدَ جَهْلِهِ. الشَّرْطُ (التَّاسِعُ: كَوْنُ فِيهِمْ) أَيْ الْوَرَثَةِ (ذُكُورٌ مُكَلَّفُونَ) لِحَدِيثِ {يَقْسِمُ خَمْسُونَ رَجُلًا مِنْكُمْ وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ} وَلِأَنَّ الْقَسَامَةَ يَثْبُتُ بِهَا قَتْلُ الْعَمْدِ فَلَمْ تُسْمَعْ مِنْ النِّسَاءِ كَالشَّهَادَةِ، وَالدِّيَةُ إنَّمَا تَثْبُتُ ضِمْنًا لَا قَصْدًا. (وَلَا يَقْدَحُ غَيْبَةُ بَعْضِهِمْ) أَيْ الْوَرَثَةِ (وَ) لَا (عَدَمُ تَكْلِيفِهِ) بِأَنْ كَانَ بَعْضُهُمْ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا (وَ) لَا يَقْدَحُ (نُكُولُهُ) أَيْ: بَعْضِ الْوَرَثَةِ عَنْ الْيَمِينِ لِأَنَّ الْقَسَامَةَ حَقٌّ لَهُ وَلِغَيْرِهِ، فَقِيَامُ الْمَانِعِ بِصَاحِبِهِ لَا يَمْنَعُ حَلِفَهُ وَاسْتِحْقَاقَهُ لِنَصِيبِهِ كَالْمَالِ الْمُشْتَرَكِ (فَلِذَكَرٍ حَاضِرٍ مُكَلَّفٍ) أَنْ يَحْلِفَ (بِقِسْطِهِ) مِنْ الْأَيْمَانِ (وَيَسْتَحِقُّ نَصِيبَهُ مِنْ الدِّيَةِ) كَمَا لَوْ كَانَ الْكُلُّ حَاضِرِينَ مُكَلَّفِينَ (وَلِمَنْ قَدِمَ) مِنْ الْغَائِبِينَ (أَوْ كُلِّفَ) أَيْ بَلَغَ أَوْ عَقَلَ مِنْ الْوَرَثَةِ (أَنْ يَحْلِفَ بِقِسْطِ نَصِيبِهِ) مِنْ الْأَيْمَانِ (وَيَأْخُذُهُ) أَيْ: نَصِيبَهُ مِنْ الدِّيَةِ لِبِنَائِهِ عَلَى أَيْمَانِ صَاحِبِهِ كَمَا لَوْ كَانَ حَاضِرًا مُكَلَّفًا ابْتِدَاءً. الشَّرْطُ (الْعَاشِرُ: كَوْنُ الدَّعْوَى عَلَى وَاحِدٍ) لَا اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ (مُعَيَّنٍ) لِقَوْلِهِ لِلْأَنْصَارِ: {يَقْسِمُ خَمْسُونَ مِنْكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ فَيُدْفَعُ إلَيْكُمْ بِرُمَّتِهِ} وَلِأَنَّهَا بَيِّنَةٌ ضَعِيفَةٌ خُولِفَ بِهَا الْأَصْلُ فِي قَتْلِ الْوَاحِدِ فَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ (فَلَوْ قَالُوا) أَيْ وَرَثَةُ الْقَتِيلِ (قَتَلَهُ هَذَا مَعَ آخَرَ) فَلَا قَسَامَةَ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ اشْتِرَاطِ اتِّحَادِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (أَوْ). قَالُوا قَتَلَهُ (أَحَدُهُمَا فَلَا قَسَامَةَ) لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا عَلَى مُعَيَّنٍ (وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهَا) أَيْ الْقَسَامَةِ (بِقَتْلٍ عَمْدٍ) لِأَنَّهَا حُجَّةٌ شَرْعِيَّةٌ فَوَجَبَ أَنْ يَثْبُتَ بِهَا الْخَطَأُ كَالْعَمْدِ. (وَيُقَادُ فِيهَا) أَيْ: الْقَسَامَةِ (إذَا تَمَّتْ الشُّرُوطُ) الْعَشَرَةُ، وَشُرُوطُ الْقَوَدِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {يَحْلِفُ خَمْسُونَ مِنْكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ فَيُدْفَعُ إلَيْكُمْ بِرُمَّتِهِ}. وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ " وَيُسَلَّمُ إلَيْكُمْ " وَالرُّمَّةُ الْحَبْلُ الَّذِي يُرْبَطُ بِهِ مَنْ عَلَيْهِ الْقَوَدُ، وَلِثُبُوتِ الْعَمْدِ بِالْقَسَامَةِ كَالْبَيِّنَةِ فَيَثْبُتُ أَثَرُهُ وَرَوَى الْأَثْرَمُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَامِرٍ الْأَحْوَلِ {أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَادَ بِالْقَسَامَةِ فِي الطَّائِفِ}.
وَيَبْدَأُ فِيهَا أَيْ الْقَسَامَةِ (بِأَيْمَانِ ذُكُورِ عَصَبَتِهِ) أَيْ الْقَتِيلِ (الْوَارِثِينَ) بَدَأَ مِنْ الْعَصَبَةِ، أَيْ: بِذُكُورِ الْوَارِثِينَ لَهُ فَيُقَدَّمُونَ بِهَا عَلَى أَيْمَانِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَا يُمَكَّنُ مُدَّعًى عَلَيْهِ مِنْ حَلِفٍ مَعَ وُجُودِ ذَكَرٍ مِنْ وَرَثَةِ الْقَتِيلِ وَمَعَ وُجُودِ شَرْطِ الْقَسَامَةِ؛ لِقِيَامِ أَيْمَانِهِمْ مَقَامَ بَيِّنَتِهِمْ هُنَا خَاصَّةً لِلْخَبَرِ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْعَصَبَةَ غَيْرَ الْوَارِثِ لَا يَحْلِفُ فِي الْقَسَامَةِ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ مِنْ الدَّمِ كَسَائِرِ الدَّعَاوَى، وَلَا تَخْتَصُّ الْقَسَامَةُ بِالْعَصَبَةِ كَمَا تُوهِمُهُ عِبَارَتُهُ بَلْ بِذُكُورِ الْوَرَثَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي (فَيَحْلِفُونَ خَمْسِينَ) يَمِينًا (بِقَدْرِ إرْثِهِمْ) مِنْ الْقَتِيلِ لِأَنَّهُ حَقٌّ يَثْبُتُ تَبَعًا لِلْمِيرَاثِ أَشْبَهَ الْمَالَ (وَيُكْمِلُ الْكَسْرَ كَابْنٍ وَزَوْجِ) قَتِيلَةٍ (فَيَحْلِفُ الِابْنُ ثَمَانِيَةً وَثَلَاثِينَ وَ) يَحْلِفُ (الزَّوْجُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ) يَمِينًا لِأَنَّ لِلزَّوْجِ الرُّبُعَ وَهُوَ مِنْ الْخَمْسِينَ اثْنَا عَشَرَ وَنِصْفٌ فَيَكْمُلُ فَتَصِيرُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَلِلِابْنِ الْبَاقِي وَهُوَ سَبْعَةٌ وَثَلَاثُونَ وَنِصْفٌ فَيَكْمُلُ فَتَصِيرُ كَمَا ذَكَرَ (فَلَوْ كَانَ مَعَهُمَا) أَيْ: الزَّوْجِ وَالِابْنِ (بِنْتٌ حَلَفَ زَوْجٌ سَبْعَةَ عَشَرَ) يَمِينًا (وَ) حَلَفَ (ابْنٌ أَرْبَعَةً وَثَلَاثِينَ يَمِينًا) لِأَنَّ حِصَّةَ الْبِنْتِ وَهِيَ الرُّبُعُ تُرَدُّ عَلَى الزَّوْجِ وَالِابْنِ بِقَدْرِ حِصَّتَيْهِمَا فَتُقْسَمُ الْخَمْسُونَ بَيْنَ الِابْنِ وَالزَّوْجِ عَلَى ثَلَاثَةٍ كَمَسَائِلِ الرَّدِّ وَيُكْمَلُ الْكَسْرُ (وَإِنْ كَانُوا) أَيْ: الْوَرَثَةُ (ثَلَاثَةَ بَنِينَ) فَقَطْ أَوْ مَعَ بَنَاتِ وَزَوْجَةٍ (حَلَفَ كُلُّ) ابْنٍ مِنْهُمْ (سَبْعَةَ عَشَرَ يَمِينًا) لِيَكْمُلَ الْكَسْرُ (وَإِنْ انْفَرَدَ) ذَكَرٌ (وَاحِدٌ) بِالْإِرْثِ أَوْ كَانَ مَعَهُ نِسَاءٌ (حَلَفَهَا) أَيْ: الْخَمْسِينَ يَمِينًا لِاعْتِبَارِ عَدَدِهَا كَنِصَابِ الشَّهَادَةِ (وَإِنْ جَاوَزُوا) أَيْ: ذُكُورُ الْوَرَثَةِ (خَمْسِينَ) رَجُلًا (حَلَفَ) مِنْهُمْ (خَمْسُونَ) رَجُلًا (كُلُّ وَاحِدٍ يَمِينًا) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {يَقْسِمُ خَمْسُونَ مِنْكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ فَيُدْفَعُ إلَيْكُمْ بِرُمَّتِهِ} (وَسَيِّدٌ) فِي ذَلِكَ وَلَوْ مُكَاتِبًا لَا مَأْذُونًا فِي تِجَارَةٍ (كَوَارِثٍ) فَإِنْ كَانَ رَجُلًا وَاحِدًا أَوْ مَعَهُ نِسَاءٌ حَلَفَهَا وَإِنْ كَانُوا اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمْ بِقَدْرِ مِلْكِهِ فِيهِ، وَيُكْمَلُ كَسْرٌ، وَإِنْ كَانَ امْرَأَةً أَوْ نِسَاءً فَكَمَا لَوْ كَانَ وَرَثَةُ الْحُرِّ كُلُّهُمْ نِسَاءً وَيَأْتِي. (وَيُعْتَبَرُ) لِأَيْمَانِ قَسَامَةٍ (حُضُورُ مُدَّعٍ وَمُدَّعًى عَلَيْهِ وَقْتَ حَلِفٍ كَبَيِّنَةٍ عَلَيْهِ) أَيْ: الْقَتْلِ فَلَا تُسْمَعُ إلَّا بِحَضْرَةِ كُلٍّ مِنْ مُدَّعٍ وَمُدَّعًى عَلَيْهِ وَيَجُوزُ لِلْأَوْلِيَاءِ أَنْ يُقْسِمُوا عَلَى الْقَاتِل إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِمْ أَنَّهُ قَتَلَهُ وَإِنْ كَانُوا غَائِبِينَ عَنْ مَكَانِ الْقَتْلِ. قَالَهُ الْقَاضِي. وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَحْلِفُوا إلَّا بَعْدَ الِاسْتِيثَاقِ وَغَلَبَةِ الظَّنِّ وَيَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ أَنْ يَعِظَهُمْ وَيُعَرِّفَهُمْ مَا فِي الْيَمِينِ الْكَاذِبَةِ و(لَا) يُعْتَبَرُ فِيهَا (مُوَالَاةُ الْإِيمَانِ. وَلَا كَوْنُهَا فِي مَجْلِسٍ) وَاحِدٍ فَلَوْ جِيءَ بِهَا فِي مَجَالِسَ أَجْزَأَتْ كَمَا لَوْ أَتَى مَنْ لَهُ بَيِّنَةٌ فِي كُلِّ مَجْلِسٍ بِشَاهِدٍ (وَمَتَى حَلَفَ الذُّكُورُ) مِنْ الْوَرَثَةِ (فَالْحَقُّ) الْوَاجِبُ بِالْقَتْلِ (حَتَّى فِي) قَتْلٍ (عَمْدٍ لِلْجَمِيعِ) أَيْ: جَمِيعِ الْوَرَثَةِ ذُكُورًا وَنِسَاءً؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ ثَبَتَ لِلْمَيِّتِ فَصَارَ لِوَرَثَتِهِ كَالدَّيْنِ. (وَإِنْ نَكَلُوا) أَيْ: ذُكُورُ الْوَرَثَةِ عَنْ أَيْمَانِ (الْقَسَامَةِ أَوْ كَانُوا) أَيْ الْوَرَثَةُ (كُلُّهُمْ خَنَاثَى أَوْ نِسَاءً حَلَفَ مُدَّعًى عَلَيْهِ خَمْسِينَ) يَمِينًا (وَبَرِئَ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {فَتُبْرِئُكُمْ يَهُودُ بِأَيْمَانِ خَمْسِينَ مِنْهُمْ أَيْ يَبْرَءُونَ مِنْكُمْ}. وَفِي لَفْظٍ " فَيَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا وَيَبْرَءُونَ مِنْ دَمِهِ " (إنْ رَضُوا) أَيْ: الْوَرَثَةُ بِأَيْمَانِ مُدَّعًى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُحَلِّفْ الْيَهُودَ حِينَ قَالَ الْأَنْصَارُ كَيْفَ تَأْخُذُ بِأَيْمَانِ قَوْمٍ كُفَّارٍ. (وَمَتَى نَكَلَ) مُدَّعًى عَلَيْهِ عَنْ شَيْءٍ مِنْ الْخَمْسِينَ يَمِينًا (لَزِمَتْهُ الدِّيَةُ وَلَيْسَ لِلْمُدَّعِي إنْ رَدَّهَا) أَيْ: الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ) لِنُكُولِهِ عَنْهَا أَوَّلًا. (وَإِنْ نَكَلُوا) أَيْ: الْوَرَثَةُ عَنْ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ (وَلَمْ يَرْضَوْا بِيَمِينِهِ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (فَدَى الْإِمَامُ الْقَتِيلَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) وَخَلَّى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَدَى الْأَنْصَارِيَّ مِنْ عِنْدَهُ لَمَّا لَمْ تَرْضَ الْأَنْصَارُ بِيَمِينِ الْيَهُودِ، وَلِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ سَبِيلٌ إلَى الثُّبُوتِ وَلَمْ يُوجَدْ مَا يُوجِبُ السُّقُوطَ فَوَجَبَ الْغُرْمُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِئَلَّا يَضِيعَ الْمَعْصُومُ هَدَرًا (كَمَيِّتٍ فِي زَحْمَةٍ كَجُمُعَةٍ وَطَوَافٍ) فَيُفْدَى مِنْ بَيْتِ الْمَالِ نَصًّا وَاحْتَجَّ بِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَمِنْهُ مَا رَوَى سَعِيدٌ فِي سُنَنِهِ عَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ: قُتِلَ رَجُلٌ فِي زِحَامِ النَّاسِ بِعَرَفَةَ فَجَاءَ أَهْلُهُ إلَى عُمَرَ فَقَالَ: بَيِّنَتُكُمْ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ، فَقَالَ عَلِيٌّ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَا يُعَطَّلُ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، إنْ عَلِمَتْ قَاتِلَهُ، وَإِلَّا فَأَعْطِ دِيَتَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. (وَإِنْ كَانَ) الْمَيِّتُ (قَتِيلًا وَثَمَّ) بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ أَيْ: هُنَاكَ فِي مَحَلِّ الْقَتْلِ فِي الزَّحْمَةِ (مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ) أَيْ: الْقَتِيلِ (عَدَاوَةٌ أَخَذَ بِهِ) نَقَلَهُ مِنْهَا، وَالْمُرَادُ إذَا تَمَّتْ شُرُوطُ الْقَسَامَةِ، وَحَلَفَ ذُكُورُ وَرَثَتِهِ خَمْسِينَ يَمِينًا كَمَا تَقَدَّمَ قَالَ الْقَاضِي إنْ كَانَ فِي الْقَوْمِ مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ وَأَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ هُوَ قَتَلَهُ فَهُوَ لَوْثٌ.
|